يجب العدل بين الأولاد في العطايا ولو بعد الزواج ، ولا علاقة لذلك بالميراث

30-07-2012

السؤال 181126


توفي والدي منذ 3 أشهر ، وأنا لي ثلاثة أشقاء : ذكران وأنثى واحدة ، ووالدتنا أكرمها الله على قيد الحياة ، قبل أن يتوفى والدي وهب إلى أمي عقارا ، تم بيع كل الوحدات فيه ما عدا عدد 6 شقق ، عندما تزوج أخي الأكبر وهبت له أمي شقتين ، وهو يعيش فيهما الآن ، وأراد إخوتي أن نتقاسم الميراث الذي تركه لنا والدنا رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته ،. قرر إخوتي الذكور ووالدتي أن يتم احتساب شقتين من العقار الذي تمتلكه أمي من ضمن الميراث ، وأن هاتين الشقتين هما ميراثي أنا وأختي من ميراث أبي ، قررت أيضا أن تبقي على الشقتين المتبقيين حتى تهبهما إلى أخي الذكر الثاني ليتزوج فيهما ، فطلبت من أمي أكرمها الله أن تهب لي شقة واحدة ، وان تهب إلى أختي الشقة الثانية ، حتى يكون هناك عدل في العطية ، ولكن أمي وإخوتي أصروا أن يدخلوا الشقتين في الميراث ، بحجة أني امرأة متزوجة ، وزوجي ينفق علي ، وأن نفقات زواجي التي أنفقت علي هي مقابل هذه الشقق ، مع أن والدي انفق على أخي في زواجه مثل ما أنفق علي ؛ أرجو من فضيلتكم الفتوى في هذا الأمر .

الجواب

الحمد لله.


تقدم في إجابة السؤال رقم (72326) أن الرجل ما دام صحيحاً ليس مريضاً مرض الموت ، فله أن يهب من ماله لزوجته أو غيرها ما يشاء .
وتقدم في إجابة السؤال رقم (67652) بيان وجوب العدل بين الأولاد وعدم المفاضلة بينهم في العطية ، وأن الأم في المنع من المفاضلة بينهم كالأب .
وأنه إذا فضل أحد الوالدين بعض الأولاد بالعطية : فإما أن يسترد العطية ، وإما أن يعطي الآخرين حتى يعدل بينهم .
وأن القسمة الشرعية في عطية الوالد لأولاده تكون حسب قسمة الميراث ، للذكر مثل حظ الأنثيين.

فعلى ما تقدم : فما وهبه والدكم لوالدتكم في حياته برضا نفس منه ، فهو لها ، ولا يدخل في تركة الوالد وميراثه .
ويجب على والدتكم أن تعدل بين أولادها في العطية ، فإذا أعطت ولدها الأكبر شقتين أعطت أخاه مثله ، وأعطت كل واحدة من ابنتيها شقة واحدة ، وإلا استردت الشقتين من الأكبر ، وأبقت على مالها وعقارها .
فخلصنا بذلك إلى أن الست شقق هي ملك خالص للوالدة يجب عليها إذا وهبت منه شيئا لأولادها أن تعدل فيه : للذكر مثل حظ الأنثيين ، ولا تدخل هذه الشقق في ميراث الأب .
وكونك امرأة متزوجة ، وأن والدك تكفل بزواجك لا يغير من الحكم شيئا ، وخاصة أنه قد تكفل بزواج أخيك أيضا .
فإن الواجب على الأب أن يزوج من تلزمه نفقته ، من ولد أو بنت ، إذا كان قادرا على ذلك ، ولا علاقة لذلك بالميراث ولا بالهبات والعطايا .
قال المرداوي رحمه الله في "الإنصاف" (9/405) :
" يجِبُ عَلَى الرَّجُلِ إعْفَافُ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ وَالْأَبْنَاءِ وَأَبْنَائِهِمْ وَغَيْرِهِمْ , مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" قال أهل العلم إنه يجب على من تلزمه نفقة شخص أن يزوجه إذا كان ماله يتسع لذلك ، فيجب على الأب أن يزوج ابنه إذا احتاج الابن للزواج ولم يكن عنده ما يتزوج به .
وهنا مسألة: لو كان لرجل عدة أبناء منهم الذي بلغ سن الزواج فزوجه ، ومنهم الصغير فهل يجوز لهذا الرجل أن يوصي بشيء من ماله يكون مهرا للأبناء الصغار لأنه أعطى أبناءه الكبار؟
الجواب : لا يجوز للرجل إذا زوج أبناءه الكبار أن يوصي بالمهر لأبنائه الصغار ، ولكن يجب عليه إذا بلغ أحد من أبنائه سن الزواج أن يزوجه كما زوج الأول . أما أن يوصي له بعد الموت فإن هذا حرام " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (13 /1616) .
وينظر جواب السؤال رقم : (149438) .
وقال ابن عثيمين أيضا :
" الزواج من النفقة فمن احتاجه من الأولاد قام الوالد بحاجته فيه ، ومن لم يحتجه فإنه لا يجوز له أن يعطيه شيئا ، وعلى هذا فإذا كان للإنسان ثلاثة أبناء وزوج اثنين منهم في حياته ، وبقي الصغير لم يصل إلى حد الزواج ، ثم إن هذا الأب أوصى للصغير بمقدار المهر الذي أعطاه أخويه ، فإن ذلك حرام ، والوصية باطلة ، فإذا مات فإن هذه الوصية ترد في التركة ، إلا أن يسمح عنه بقية الورثة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا وصية لوارث) " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (247 /45) .

وهذا كله فيما إذا كان الوالد قد وهب هذا العقار للوالدة هبة حقيقية ، بحيث تملكتها في حياته ، وانتقل التصرف فيها إلى الوالدة .
وأما إذا كان هذا مجرد كتابة على الورق ، لم تنفذ في حياة الوالد ، وإنما تصرفت فيها الوالدة بعد موته : فهذه وصية ، وليست هبة ، ولا وصية لوارث ؛ فيرد العقار إلى تركة الوالد ، ويقسم الجميع بين ورثته .

والله أعلم .

الهدية والهبة والعطية
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب