الحمد لله.
وروى البخاري (3455) ومسلم (1842) عن أبي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ ) .
قال النووي رحمه الله :
" ( تَسُوسهُمْ الْأَنْبِيَاء ) أَيْ : يَتَوَلَّوْنَ أُمُورهمْ كَمَا تَفْعَل الْأُمَرَاء وَالْوُلَاة بِالرَّعِيَّةِ , وَالسِّيَاسَة : الْقِيَام عَلَى الشَّيْء بِمَا يُصْلِحهُ " انتهى .
قال ابن نجيم
" السياسة هي فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها وإن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئي " .
"البحر الرائق" (5 /11) .
وعرّف ابن خلدون السياسة الشرعية بأنها " حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة ، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به " انتهى من "مقدمة ابن خلدون" (ص 97) .
وعلى ذلك فالسياسة جزء لا يتجزأ من الإسلام، ولا فرق في الإسلام بين السياسة والدين.
وبهذا الاعتبار والتقرير ، وتنزلا على مصطلح القوم : فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يستعمل السياسة الحكيمة الراشدة في حكمه ، وفي تدبير شئون الدولة ؛ لأنه نزل بشريعة تعمل على تحقيق المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها .
وعلى ذلك جرى عمل الخلفاء الراشدين وأئمة الهدى من بعده .
وينظر "الطرق الحكمية" لابن القيم (ص 17-20) .
والله أعلم .