كتاب منسوب للحافظ السيوطي !
كتاب " نواضر الأيك " هل تصحّ نسبته إلى الحافظ السيوطي ؟ .
وإذا كان يثبت ماذا يقول السادة العلماء في هذا الكتاب ؟
الجواب
الحمد لله.
عُرف عن جلال الدين السيوطي رحمه الله كثرة التأليف ، ولم يقتصر تأليفه في فنٍّ
واحد بل إنه لم يكد يترك فنّاً من الفنون التي شارك فيها ، إلا وله فيه مؤلَّف أو
أكثر ، وهو ما دعا بعض الكتَّاب والنسَّاخ وأصحاب الهوى لأن ينسبوا له كتباً ليست
له مثل كتاب " الحكمة في الطب والرحمة " وغيره .
والكتاب الوارد ذِكره في السؤال مما يغلب على الظن أنه منحول على الإمام السيوطي
وأنه ليس من تصنيفه ؛ لما احتواه الكتاب من أخبار الفجَّار والمجَّان والزواني
والزانيات ، وقد أخطأ من نسب الكتاب له سواء من المشتغلين بالمخطوطات أو بالمطبوعات
.
وهذه شهادة من أحد المشتغلين بكتب السيوطي وفهرستها حول هذه الكتاب وإخوانه ! وهو
الأستاذ الدكتور سمير الدروبي – من جامعة " مؤتة " في الأردن قسم اللغة العربية -
وفقه الله - حيث يقول : " نُسبَ للسيوطي ما ليس له ، ونُحل كتباً كثيرة وبخاصة في
موضوع الكتب الجامعة لعدة فنون وكتب الأدب والنوادر ، سيما ما يتعلق منها بالباه
الذي لم يؤلف فيه السيوطي سوى ثلاثة مصنفات مذكورة في هذا الفهرست ، وهي : " الوشاح
في فوائد النكاح " و " اليواقيت الثمنية في صفات السمينة " و " وشقائق الأُترنج في
رقائق الغُنج " ، ومقامة تسمى بـ " رشف الزلال من السحر الحلال " .
وكاتب هذه السطور موقن بأن تناول السيوطي مثل هذا الموضوع الحرج لم يكن مبعثه الميل
إلى الهزل أو الإحماض ، ولا الرغبة في رواج كتاب تتداوله أيدي النساخ ويقبل عليه
القراء ، ولكن ولوجه باب أدب الباه أو الجنس جاء إما إجابة لسؤال شرعي تصدي للإجابة
عنه ، وقد نص على ذلك صراحة في مقدمة " شقائق الأترنج " يقول – ص 19 - " هذا جزء
يسمى " شقائق الأترنج في رقائق الغُنج " ألفته جواباً لسائل سأل عن حكمه شرعاً… "
أو رغبة في الإصلاح ، ويتبدى ذلك من خلال " مقامة رشف الزلال من السحر الحلال "
عندما رأى بعضاً من شباب عصره يترددون إلى بيوت الفساد ، فأنشأها ترغيباً لهم في
الزواج وترهيباً لهم من طاعة الشيطان وإغوائه الذي يقودههم إلى مهاوي الرذيلة
ومبيناً – مخطوط ، ورقة 2 - " أن التزويج قرين الإيمان القائم الكافل له بضمان
الأمان المشروع في جميع الملل والأديان المستمر بلا نسخ على مدى الأزمان " .
وبناء على ما تقدم وعلى ما عرف من التزام السيوطي بألا يكتب شيئاً يسأل عنه في
الآخرة – كما في كتابه " حسن المحاضرة " ( 1 / 320 ) - فإنني أميل إلى أن جلّ ما
نُسب إليه من كتب في موضوع ( الباه ) غير صحيح النسبة إليه ، بل هو دعيّ في أدبه
وعلمه ، ولعله مما نحله إياه النسَّاخ الذين يريدون رواجاً لمثل هذا الطراز من
الكتب ، أو مما دسّه عليه خصومه وأعداؤه اللّد ، ولذلك فإن ما عزي إليه من مثل كتاب
" الإيضاح في أسرار النكاح " و " الأيك في معرفة … " و " مباسم الملاح ومناسم
النكاح… " و " نواخر الأيك … " وغيرها : يُعدُّ دخيلاً على الرجل ، وهو مما عمله
غيره باسمه وألحق به زوراً وميناً " انتهى من بحث بعنوان ( السيوطي ورسالته " فهرست
مؤلفاتي " علوم اللغة والنحو والبلاغة والأدب والتاريخ ) ص 48 ، 49 .
والله أعلم