أحكام ومسائل متعلقة بالتناجي

09-07-2012

السؤال 183568

عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس ، من أجل أن يحزنه ) متفق عليه ، هل هو نهي للتحريم أم للكراهة ، وهل ذلك مقصور عن الثلاثة ، أي : إذا تعدى العدد الثلاثة تنتفي الكراهة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً :
من الآداب التي راعها الإسلام في المجالس : أن لا يتناجى اثنان دون الثالث ؛ وذلك حفظاً لسلامة الصدور .
فقد روى البخاري (6290) ومسلم (2184) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى رَجُلَانِ دُونَ الْآخَرِ حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ أَجْلَ أَنْ يُحْزِنَهُ ) .
وروى الترمذي (2825) عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا ) . وصححه الشيخ الألباني في " صحيح سنن الترمذي " .

ثانياً :
النهي الوارد في الأحاديث السابقة ظاهره التحريم ، فيحرم أن يتناجى اثنان دون الثالث ، أو مجموعة من الناس دون واحد منهم .
قال النووي رحمه الله : " وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث النَّهْي عَنْ تُنَاجِي اِثْنَيْنِ بِحَضْرَةِ ثَالِث , وَكَذَا ثَلَاثَة وَأَكْثَر بِحَضْرَةِ وَاحِد , وَهُوَ نَهْي تَحْرِيم , فَيُحَرِّم عَلَى الْجَمَاعَة الْمُنَاجَاة دُون وَاحِد مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يَأْذَن " انتهى من " شرح مسلم للنووي " .

 

ثالثاً :
يستثنى من النهي الوارد في مسألة التناجي مسائل :
المسألة الأولى : إذا تناجى الاثنان بإذن الثالث ، فأذن لهم جاز ؛ لما روى أحمد (6302) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ ، إِلَّا بِإِذْنِهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ ) .

المسألة الثانية : إذا كان العدد أكثر من ثلاثة ، فيجوز أن يتناجى اثنان دون البقية ؛ لما روى أبو داود (4851) ، وفيه : قَالَ أَبُو صَالِحٍ ، فَقُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ : فَأَرْبَعَةٌ ؟ قَالَ : ( لَا يَضُرُّكَ ) .
قال النووي رحمه الله في " شرح مسلم " : " أَمَّا إِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً فَتَنَاجَى اِثْنَانِ دُونَ اِثْنَيْنِ , فَلَا بَأْسَ بِالْإِجْمَاعِ " انتهى .

وقال الشيخ محمد بن عبد الهادي السندي رحمه الله : " قَوْله ( إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَة ) يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوز ذَلِكَ إِذَا كَانَ أَكْثَر مِنْ ثَلَاثَة ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِن أَنْ يَأْتَنِس الثَّالِث بِالرَّابِعِ ، وَأَيْضًا بِوُجُودِ الرَّابِع لَا يَخَاف الثَّالِث عَلَى نَفْسه مِنْهُمَا الشَّرّ " انتهى من " حاشية السندي على سنن ابن ماجة " .

المسألة الثالثة : إذا كانت هناك حاجة أو مصلحة راجحة على مفسدة التناجي ، فيجوز في هذه الحال أن يتناجى اثنان دون الثالث .
قال النووي رحمه الله في " رياض الصالحين " : باب النهي عن تناجي اثنين دون الثالث بغير إذنه إلا لحاجة .

وقال الشيخ محمد صالح المنجد حفظه الله في – ذكر صورة من صور التناجي المباح - : " ومن هذه الصور مثلاً : أحياناً يأتيك ضيف أنت وهو في المجلس فيأتي إليك ولدك أو خادمك فتضطر أن تسر في أذن الولد أو الخادم كلاماً عن تجهيز الطعام مثلاً ، أو عن تفريغ طريق مثلاً ، أو أحياناً يقول لك ولدك : إن أمي تقول كذا وكذا ، وفي هذه الحالة فقد درجت مروءة الناس على عدم الجهر بهذه الأشياء أمام الضيوف ، فهذه المسألة هي مصلحة راجحة تقاوم المفسدة المشكوك بها ، لأن الضيف سوف يقدر أن ولدك هذا عندما تسر إليه بكلام لن تقول كلاماً سيئاً عنه ، وإنما سوف ترتب أنت وإياه أمراً يتعلق بالضيافة ، أو يتعلق بداخل أهلك بداخل البيت ، فلذلك لن يحزن ، هذا مثال على التناجي الجائز " انتهى من " شريط : كيف تكون مجالسنا إسلامية " .

والله أعلم

الدعاء
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب