الحمد لله.
هذا حديث موضوع ، رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (6504) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَسْلَمَ الصَّدَفِيُّ ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ الْمُنْكَدِرِيُّ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ
قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الشَّامِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا
هُرَيْرَةَ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا مِنْ أَهْلِ
بَيْتٍ يَمُوتُ مِنْهُمْ مَيِّتٌ فَيَتَصَدَّقُونَ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ، إِلَّا
أَهْدَاهَا إِلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى طَبَقٍ مِنْ نُورٍ ،
ثُمَّ يَقِفُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ فَيَقُولُ: يَا صَاحِبَ الْقَبْرِ الْعَمِيقِ
، هَذِهِ هَدِيَّةٌ أَهْدَاهَا إِلَيْكَ أَهْلُكَ فَاقْبَلْهَا . فَيَدْخُلُ
عَلَيْهِ ، فَيَفُرَحُ بِهَا وَيَسْتَبْشِرُ ، وَيَحْزَنُ جِيرَانُهُ الَّذِينَ لَا
يُهْدَى إِلَيْهِمْ بِشَيْءٍ ) وقال الطبراني عقبه :
" لَا يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ،
تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ "
وقال الهيثمي رحمه الله :
" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ ، وَفِيهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الشَّامِيُّ
قَالَ عَنْهُ الْأَزْدِيُّ: كَذَّابٌ " .
انتهى من "مجمع الزوائد" (3/ 139) .
وذكره الشيخ الألباني رحمه الله في "الضعيفة" (486) وقال : " موضوع ... آفة الحديث
من أبي محمد الشامي ، قال الذهبي : روى حديثا عن بعض التابعين منكرا ، قال الأزدي :
كذاب .
وكذا في " اللسان " ، وكأنهما أرادا بالحديث المنكر هذا " انتهى .
فلا تجوز نسبة هذا الكلام
إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا روايته عنه إلا لبيان حاله ، والترهيب من
روايته ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي
بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ) رواه مسلم في مقدمة
الصحيح (1/7) .
قال النووي رحمه الله :
" فِيهِ تَغْلِيظُ الْكَذِبِ وَالتَّعَرُّض لَهُ ، وَأَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى
ظَنِّهِ كَذِبُ مَا يَرْوِيهِ فَرَوَاهُ كَانَ كَاذِبًا , وَكَيْف لَا يَكُون
كَاذِبًا وَهُوَ مُخْبِرٌ بِمَا لَمْ يَكُنْ ؟ " انتهى .
وفي الباب حديث آخر بلفظ : (
ما الميت في قبره إلا كالغريق المستغيث ينتظر دعوة تلحقه من أب أو أم أو أخ أو صديق
، فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها ، وإن الله عز وجل ليُدخل على أهل
القبور من دعاء أهل الدور أمثال الجبال ، وإن هدية الأحياء إلى الأموات الاستغفار )
.
ذكره الشيخ الألباني في "الضعيفة" (799) وقال " منكر جدا " انتهى .
أما الحديث بلفظ : ( إذا
دعوتم للميت دخل عليه الملك ومعه طبق من نور ... ) فلم نقف له على أصل عن النبي صلى
الله عليه وسلم ؛ وسواء كان بهذا اللفظ أو باللفظ الأول ، فلا تجوز نسبة ذلك إلى
النبي صلى الله عليه ، كما لا يجوز أن يُذكر ولو غير منسوب إلى النبي صلى الله عليه
وسلم ؛ لأن أمر البرزخ من أمور الغيب ، ولا يجوز الخوض فيها بغير علم .
والله أعلم .