الحمد لله.
قال المناوي رحمه الله : " (
طبع الله على قلبه ) أي : ختم عليه وغشاه ومنعه ألطافه ، وجعل فيه الجهل والجفاء
والقسوة ، أو صير قلبه قلب منافق " انتهى من "فيض القدير" ( 6 / 133).
وقد جاء في بعض الروايات
تقييد هذا الترك بالتوالي ، ففي مسند الطيالسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من ترك ثلاث جمع متواليات من غير عذر طبع الله
على قلبه ) ، وفي حديث آخر ( من ترك الجمعة ثلاث مرات متواليات من غير ضرورة طبع
الله على قلبه ) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " .
قال أبو الحسن المباركفوري
رحمه الله : " ( ثلاث جمع ) ، قال الشوكاني : " يحتمل أن يراد حصول الترك مطلقاً ،
سواء توالت الجمعات أو تفرقت ، حتى لو ترك في كل سنة جمعة لطبع الله على قلبه بعد
الثالثة ، وهو ظاهر الحديث ، ويحتمل أن يراد ثلاث جمع متوالية ، كما في حديث أنس
عند الديلمي في مسند الفردوس ؛ لأن موالاة الذنب ومتابعته مشعرة بقلة المبالاة به "
انتهى ، قلت : الاحتمال الثاني ( أي : ثلاث جمع متوالية ) هو المتعين لما تقرر في
الأصول من حمل الروايات المطلقة على المقيدة ، ويؤيد حديث أنس ما رواه أبو يعلى
برجال الصحيح عن ابن عباس : من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات فقد نبذ الإسلام وراء
ظهره " انتهى من " مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " ( 4 / 446 ) .
ثانياً :
الطبع على القلب المذكور في الأحاديث السابقة لا يلزم منه كفر صاحب ذلك القلب ، بل
هو من الوعيد الذي جاء به الشارع في حق المسلم والكافر .
فقد روى الترمذي (3334) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: ( إِنَّ العَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ
سَوْدَاءُ ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ، وَإِنْ
عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ
اللَّهُ ( كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) ، وحسنه
الشيخ الألباني في " صحيح الترمذي " .
قال الحافظ ابن حجر رحمه
الله : " عن مجاهد قال : كانوا يرون الرين هو الطبع " انتهى من " فتح الباري " ( 8
/ 696 ) – ترقيم الشاملة - .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" الذنوب إذا تكاثرت : طُبع على قلب صاحبها ، فكان من الغافلين ، كما قال بعض السلف
في قوله تعالى ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) قال : هو الذنب بعد الذنب
" انتهى من " الجواب الكافي " ص (60) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن
باز رحمه الله :
" من لم يحضر صلاة الجمعة مع المسلمين لعذر شرعي من مرض أو غيره أو لأسباب أخرى صلى
ظهرا ، وهكذا المرأة تصلي ظهرا ، وهكذا المسافر وسكان البادية يصلون ظهرا كما دلت
على ذلك السنة ، وهو قول عامة أهل العلم ، ولا عبرة بمن شذ عنهم ، وهكذا من تركها
عمدا ، يتوب إلى الله سبحانه ، ويصليها ظهرا " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (
12 / 332 ) .
وينظر جواب السؤال رقم : (7699)
.
والله أعلم .