الحمد لله.
جاء في " المغني " (7/136) : " ( ولا يجوز نكاح المتعة ) معنى نكاح المتعة أن
يتزوج المرأة مدة , مثل أن يقول : زوجتك ابنتي شهراً , أو سنة , أو إلى انقضاء
الموسم , أو قدوم الحاج . وشبهه , سواء كانت المدة معلومة أو مجهولة ، فهذا نكاح
باطل ، نص عليه أحمد , فقال : نكاح المتعة حرام ...
وهذا قول عامة الصحابة والفقهاء ، وممن روي عنه تحريمها : عمر , وعلي , وابن عمر ,
وابن مسعود , وابن الزبير ، قال ابن عبد البر: وعلى تحريم المتعة مالك , وأهل
المدينة , وأبو حنيفة في أهل العراق , والأوزاعي في أهل الشام , والليث في أهل مصر
, والشافعي, وسائر أصحاب الآثار .. " انتهى .
ومن نكاح المتعة : أن يعقد عليها بشرط أن يطلقها عند انقضاء المدة ، سواء كانت
معلومة أو مجهولة .
جاء في " كشاف القناع " (5/97): " وهو [ نكاح المتعة ] أن يتزوجها إلى مدة ، معلومة
أو مجهولة ، مثل أن يقول الولي : زوجتك ابنتي شهرا أو سنة ، أو زوجتكها إلى انقضاء
الموسم ، أو إلى قدوم الحاج وشبهه ، معلومة كانت المدة أو مجهولة..
.. وإن شرط الزوج في النكاح طلاقها في وقت ولو مجهولاً فهو كالمتعة ؛ فلا يصح .. "
انتهى.
وينظر: " الموسوعة الفقهية" (41/344) .
وسواء ذكر هذا الشرط في نفس العقد ، أو لم يذكر ، ما دام قد حصل الاتفاق عليه ،
أو كان هذا متعارفا عليه في مثل هذا النكاح ؛ فالحكم في ذلك كله واحد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو يتحدث عن بطلان نكاح التحليل :
" وَسَوَاءٌ شُرِطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ , أَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ
قَبْلَ الْعَقْدِ , أَوْ لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِ لَفْظًا بَلْ كَانَ مَا
بَيْنَهُمَا مِنْ الْخِطْبَةِ وَحَالِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمَهْرِ
نَازِلًا بَيْنَهُمْ مَنْزِلَةَ اللَّفْظِ بِالشُّرُوطِ .. " .
انتهى من "بيان الدليل على بطلان التحليل" (6) .
وقال : " فَإِنَّ الشُّرُوطَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى الْعَقْدِ بِمَنْزِلَةِ
الْمُقَارَنَةِ إنْ كَانَتْ صَحِيحَةً , وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهَا , وَإِنْ كَانَتْ
بَاطِلَةً أَثَّرَتْ فِي الْعَقْدِ " انتهى (500) .
وينظر أيضا : "القواعد النورانية" (302-303) .
ثانياً:
ولاية نكاح المرأة على الترتيب ؛ فوليها : أبوها ثم جدها ثم ابنها ثم أخوها ثم عمها
ثم الأقرب فالأقرب ، فإن لم يوجد لها قريب : زوجها الحاكم ؛ لقوله صلى الله عليه
وسلم : ( السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ ) رواه أبو داود (2083) وصححه
الشيخ الألباني.
فإن زوجها القاضي مع وجود من هو أهل للولاية من أقاربها : لم يصح عقد النكاح ؛
لأن فيه افتئاتاً عليهم .
قال ابن قدامة في "المغني" (7/22) : " إذا زوجها الولي الأبعد , مع حضور الولي
الأقرب , فأجابته إلى تزويجها من غير إذنه , لم يصح ، وبهذا قال الشافعي .." انتهى
.
وقال الحجاوي في زاد المستنقع : " وَإِنْ زَوَّجَ الأَبْعَدُ ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ
، مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ : لَمْ يَصِحَّ "
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (12/45) :
" وإن زوج الأبعدُ أو أجنبيٌ من غير عذرٍ لم يصح ": يعني والأقرب موجود ، وأهل
للولاية ، فإن النكاح لا يصح ؛ لأن قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: " إلا بولي"
وصف مشتق من الولاية ، فيقتضي أن يكون الأحق الأولى فالأولى .. " انتهى .
وسئل رحمه الله : " امرأة عقد لها ابنها مع وجود أبيها ، ما حكم هذا العقد ؟
فأجاب: "ننظر أيهما أولى أن يزوج المرأة أبوها أو ابنها ؟
الجواب : أبوها ، هو الذي يزوجها ؛ فإذا زوجها ابنها مع وجود الأب : فإن كان الأب
في مكان بعيد لا يمكن مراجعته : فلا حرج ، أو كان الأب منعها أن يزوجها من هذا
الشخص الذي رضيته ، وهو كفء في دينه وخلقه : فلا بأس أن يزوجها ابنها ، أما إذا كان
الأب حاضراً ولم يمتنع فالعقد غير صحيح وتجب إعادته " انتهى من " لقاء الباب
المفتوح " لقاء رقم : (159).
وإذا تقرر بطلان النكاح وجب مفارقة المرأة فوراً ، ثم إن رغب كلٌ منكما بالآخر :
وجب إعادة عقد النكاح بالشروط المعتبرة من ولي وشهود.
وللاستزادة في معرفة شروط النكاح ينظر جواب سؤال رقم : (2127).
رابعاً:
الطلقة التي أوقعتها تحسب من عدد الطلقات ؛ لأنك طلقتها في نكاح تعتقد صحته .
جاء في " كشاف القناع " : (5/237): " ويقع الطلاق في النكاح المختلف في صحته ،
كالنكاح بولاية فاسق ، أو النكاح بشهادة فاسقين أو بنكاح الأخت في عدة أختها البائن
أو نكاح الشغار ، أو نكاح المحلل أو بلا شهود أو بلا ولي وما أشبه ذلك .." انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وأما النكاح المختلف فيه فلا يخلو من حالين
:
الأولى : أن يرى المتزوج صحته ، فإن رأى صحته فإن الطلاق يقع ولا إشكال في ذلك ،
مثاله: رجل تزوج امرأة رضعت من أمه ثلاث رضعات ، وهو يرى أن الرضاع المحرم خمس
رضعات، فالنكاح في رأيه صحيح ، فهذا يقع فيه الطلاق بلا شك .
وكذلك لو تزوج امرأة بدون شهود وهو يرى أن الشهادة في النكاح ليست بشرط فالطلاق يقع
.
الثانية : أن لا يرى المتزوج صحة النكاح ، فاختلف أهل العلم في وقوع الطلاق ، فقال
بعضهم: إنه يقع فيه الطلاق ، وقال بعضهم: إنه لا يقع ، فالذين قالوا: لا يقع ،
قالوا: لأن الطلاق فرع عن النكاح ، وهذا لا يرى صحة النكاح فلا يقع الطلاق منه ،
وهذا تعليل جيد لا بأس به، والذين قالوا : إنه يقع ، قالوا: لأنه وإن لم ير هو صحة
النكاح ، لكن قد يكون غيره يرى صحته، فإذا فارقها بدون طلاق ، وأتاها إنسان يرى صحة
النكاح : فلن يتزوجها ، فالطلاق يصح في النكاح المختلف فيه ، وإن لم ير المطلق صحته
؛ لأنه إذا لم يطلق فسوف يعطل هذه المرأة.
فإذا قال قائل: لماذا يقع الطلاق وهو لا يرى أن النكاح صحيح ، والطلاق فرع عليه؟
قلنا: من أجل أن لا يحجزها عن غيره ؛ لأنه قد يريدها من يرى أن النكاح صحيح ، فإذا
لم يطلقها هذا الزوج ، لن يتزوجها غير ه؛ لأنه يرى أنها لا زالت باقية في عصمته " .
انتهى من " الشرح الممتع "(13/24).
والحاصل : أنه يجب عليك اجتناب هذه المرأة لعدم صحة النكاح ، فإن رغب كلٌ منكما
بالآخر وجب تجديد العقد بالشروط المعتبرة ، من غير أن تطلقها .
فإن لم توجد الرغبة في تجديد عقد النكاح : وجب تطليقها طلقة واحدة ، لتحلها لغيرك ،
على ما تقدم .
والله أعلم .