الحمد لله.
أمر الله تعالى بإنظار المعسر حيث لم يجد وفاء فقال : ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ
فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) البقرة/ 280.
ثم ندب إلى الوضع عنه والتصدق عليه به أو ببعضه فقال : ( وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ
لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة/ 280 .
وروى مسلم (3014) عن أبي الْيَسَرِ رضي الله عنه عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ
اللَّهُ فِي ظِلِّهِ ) .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من أنظر معسرا كان له بكل يوم مثل قرضه صدقة قبل
أن يحل ميعاد الدين ، وله مِثْلَا قرضه صدقة بعد حلول الدين عن كل يوم من أيام
التأجيل والتوسعة على المدين ؛ وذلك ترغيبا في إعانة المسلم وإنظار المعسر لئلا
يلجئه إلى التعامل بالربا المحرم الذي يوبق عليه كسبه ويؤذنه بحرب من الله ورسوله ،
أو يضيق عليه أمره ، ويوقعه في الحرج .
روى الإمام أحمد (22537) عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا
فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ ) قَالَ ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ : (
مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ ) قُلْتُ :
سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُولُ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ
يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ ، ثُمَّ سَمِعْتُكَ تَقُولُ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا
فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ ؟ قَالَ : ( لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ
صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ
فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ ) .
والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (86) ، ومحققو المسند ، ط الرسالة .
فالذي سمعته من أنه يحتسب
للدائن كأنه تصدق بقيمة قرضه الذي أقرضه أخاه المسلم كل يوم : إنما هو قبل حلول أجل
الدين ، فإذا حل الدين ولم يزل المدين معسرا غير قادر على السداد ، فسمح له صاحب
الدين ، وأفسح له في الأجل : فإن له بكل يوم من أيام إنظاره صدقة بقدر ضعف ماله
الذي أقرضه أخاه ، حتى يوفيه دينه الذي عليه .
وفي هذا من الشرع الحكيم ومن رحمة الله بعباده ما هو ظاهر بأدنى تأمل .
والله تعالى أعلم .