ربّاه زوج أمه فهل له من البر والدعاء والصلة مثل أبيه الحقيقي ؟

10-02-2013

السؤال 192720


طلق أبي أمي بناء على طلبها، وكانت تطلب ذلك لأنه كان يشرب الخمر، لكن الحمد لله تاب قبل الموت ، فتزوجت أمي قبل أن يتوفى أبي ، وكنا معها ، فرباني زوج أمي منذ كان عمري 7 سنوات ، وكنت أناديه أبي ، وكان يعاملني وإخواني كأبنائه تماماً ، ولم يرزق هذا الرجل بأبناء من أمي ، وكان قادراً على الزواج من أخرى .
والآن كبرت وما زالت هذه الصلة بيننا مستمرة ، وهي صلة الابن بأبيه ولم يتغير شيء ، مع العلم أنني لم أترك الدعاء لأبي المتوفى ، فهل أنا مخطئ فيما سبق ؟
وهناك من يظن أن هذا أبي لأنه يرى المعاملة بيننا معاملة ابن لأبيه ، ولأن اسم زوج أمي كاسم أبي ، ولا أستطيع أن أخبر كل من يراني معه أنه ليس أبي فهذا أمر عسير ، كما أنه يؤلمه لأنه أفنى عمره في تربيتنا ، مع العلم بأنه إذا سألني أحد هل هذا زوج أمك فإني أخبره الحقيقة ، فهل هذا تبني؟ وبم تنصحوني في معاملته لأني أشعر أنني أدعو لأحدهما أكثر من الآخر ، فهل أنا مذنب في ذلك؟
وهل يجوز أن أتصدق عنه بعد مماته ( أطال الله عمره ) وأحج عنه تماماً كابنه ، وأؤجر على بره كما أؤجر على بر أبي ، أفيدوني جزاكم الله خيراً .

الجواب

الحمد لله.


فالوالد له حق على ابنه ولو أساء أو ظلم أو كان على معصية, لأن حقَّه في البرِّ والطاعة في المعروف محفوظان بنص الشرع ، وإذا كان الله تعالى قد أكد على حق الوالد المشرك – بل والداعي لأولاده لأن يشركوا بربهم عز وجل – في البر والصحبة بالمعروف فلأن يكون ما دونه في السوء أولى وأحرى بذاك البر وتلك المصاحبة بالمعروف ، قال تعالى : ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/ 15
من هنا يعلم أنه مهما أحسن إليك زوج أمك وأسدى إليك من خير أو معروف فإن حق أبيك عليك أعظم, فإن كان قد بدر منك تقصير في حق والدك – حال حياته - فعليك أن تستغفر الله منه , وأن تكثر من الدعاء له بالرحمة والمغفرة والصدقة عنه بحسب وسعك وطاقتك, فإن هذا من برك به بعد الموت , قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : "دلت السنة على مشروعية بر الوالدين بعد وفاتهما ؛ بالدعاء لهما وتنفيذ وصيتهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (25 / 182) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : "من بر الوالدين : الصدقة عنهما ، والدعاء لهما ، والحج والعمرة عنهما" انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (8 / 344) .
وأما مناداتك لزوج أمك بلفظ " الأب " فهذا لا حرج فيه إذا كان على سبيل الإكرام والاحترام لا على سبيل النسب, وقد بينا هذا بالدليل والتفصيل في الفتوى رقم: ( 100329 ).
أما عن الصدقة عن زوج أمك – بعد موته – والحج عنه فهذا جائز بل هو مستحب لأنه من باب رد الجميل , ومعرفة الفضل لأهله, وقد نص أهل العلم على أن الميت ينتفع بالصدقة , جاء في تحفة المحتاج (7/72) : "وينفع الميت صدقة عنه, ومنها وقف لمصحف وغيره, وحفر بئر, وغرس شجر منه في حياته أو من غيره عنه بعد موته" أهـ .
ونص أهل العلم أيضا على أن الميت ينتفع بالحج عنه , قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " الحج عن الميت، والعمرة عن الميت، من أفضل القربات، وينتفع بها الميت المسلم كثيراً، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك مرات كثيرة فقال للسائل: (حج عن أبيك) وللسائلة: (حجي عن أبيكِ) والآخر: (عن أمكِ)، وسأله آخر قال: إني لبيت عن شبرمة، قال: (من شبرمة؟) قال: أخٌ لي أو قريب لي، قال: (حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة).
فالناس أقسام منهم من قد حج في الفريضة، وأدى العمرة الفريضة، هذا إذا حج عنه يكون نافلة، وإذا اعتمر عنه يكون نافلة، إن حج عنه أخوه أو أبوه أو قريبٌ له أو أخٌ من إخوانه في الله كل ذلك طيب، وهكذا العمرة، وإذا كان ما أدى الحج ولا أدى العمرة، فإن الذي يحج عنه يكون قد أدى عنه الفريضة، وهكذا العمرة يكون قد أدى عنه عمرة الفريضة، وهو على كل حال مأجور والميت مأجور، كلاهما مأجور، هذا عن عمله الطيب وإحسانه إلى أخيه مأجور، والميت مأجور بذلك، وهكذا الصدقة، وهكذا الدعاء، إذا تصدق عن أخيه يؤجر هو والميت جميعاً، وهكذا إذا دعا لأخيه الميت يؤجر هو وينتفع الميت بالدعاء" انتهى من موقع الشيخ رحمه الله على هذا الرابط:
http://www.binbaz.org.sa/mat/14148
مع التنبيه على أن الإنسان إذا أراد أن يحج عن غيره فإنه لا بد وأن يكون قد حج عن نفسه أولا كما بيناه في الفتوى رقم (1463).
وفي النهاية ننبه على أن برك بأبيك ووالديك عموما سواء في حياتهما أو بعد موتهما بالدعاء لهما والصدقة عنهما ونحو ذلك أعظم أجرا من إحسانك إلى زوج أمك أو غيره من الناس.
والله أعلم.
صلة الرحم
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب