الحمد لله.
أولا :
تقدم بيان أن غلبة الظن تجري في الأحكام مجرى اليقين ، راجع جواب السؤال رقم : (49667) ، (181590) .
ثانيا :
الشك في الطواف : إما أن يكون بعد الفراغ منه ، أو يكون في أثنائه :
فإن كان بعد الفراغ منه فلا عبرة به ، إلا أن يتيقن منه بدليل قاطع لا شك فيه .
وإن كان في أثنائه : فإن كان مستوي الطرفين ولا ترجيح لديه بنى على الأقل ، فإن شك أطاف خمسا أو ستا ، ولا يغلب على ظنه شيء منهما فإنه يبني على الأقل وهو الخمس ، فيكمل على ذلك .
راجع جواب السؤال رقم : (171308) .
وإن ترجح لديه أحد الأمرين وغلب على ظنه بنى عليه ، قياسا على الصلاة ، ولا شيء عليه ، فإن شك أطاف خمسا أو ستا ، وغلب على ظنه أنه طاف ستا بنى على ذلك وجاء بالشوط السابع ، وطوافه صحيح إن شاء الله .
وقد روى عبد الرزاق في " المصنف " (9810) والفاكهي في " أخبار مكة " (603) عن ابْن جُرَيْجٍ قَالَ : قُلْتُ لِعَطَاءٍ : شَكَكْتُ فِي الطَّوَافِ : اثَنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ؟ قَالَ : " أَوْفِ عَلَى أَحْرَزِ ذَلِكَ "، قُلْتُ : فَطُفْتُ أَنَا وَرَجُلٌ وَاخْتَلَفْنَا ، قَالَ : " ذَيْنهْ "، قُلْتُ: أَفَعَلَى أَحْرَزِ ذَلِكَ أَمْ عَلَى أَقَلِّ الَّذِي فِي أَيْدِينَا ؟ قَالَ: " بَلْ عَلَى أَحْرَزِ ذَلِكَ فِي أَنْفُسِكُمَا " .
ومعنى : "أحرز ذلك" : أقواه في ظنك وتخمينك .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" فإن شك في أثناء الطواف فهل يبني على اليقين ، أو على غلبة الظن ؟
الجواب : في ذلك خلاف ، كالخلاف في من شك في عدد ركعات الصلاة ، فمن العلماء من قال : يبني على غلبة الظن ، ومنهم من قال : يبني على اليقين .
مثال ذلك : في أثناء الطواف شك هل طاف خمسة أشواط ، أو ستة أشواط ، فإن كان الشك متساوي الأطراف جعلها خمسة ؛ لأنه المتيقن ، وإن ترجح أنها خمسة جعلها خمسة ، وإن ترجح أنها ستة ، فمن العلماء من يقول : يعمل بذلك ويجعلها ستة ، ومنهم من قال : يبني على اليقين ويجعلها خمسة .
والصحيح أنه يعمل بغلبة الظن كالصلاة ، وعلى هذا فيجعلها ستة ، ويأتي بالسابع .
أما بعد الفراغ من الطواف ، والانصراف عن مكان الطواف ، فإن الشك لا يؤثر ، ولا يلتفت إليه، ما لم يتيقن الأمر " انتهى من "الشرح الممتع" (7 /249) .
وعلى ذلك : فطوافك صحيح ، ولا يلزمك شيء ، إن شاء الله .
والله تعالى أعلم .