الحمد لله.
ثم إن من لم يمكنه الحصول
على النسخة الأصلية ، واحتاج إلى استعمال النسخ غير الأصلية ( المنسوخة ) : فإن وجد
من يبذلها له مجانا ، أو يسمح له بنسخها من نسخته ، سواء كانت نسخته أصلية أو غير
أصلية ، أو كانت متاحة على الشبكة العنكبوتية ، يمكنها تحميلها مجانا : فله أن
يستفيد منها على الصفة المذكورة في كل هذه الحالات .
فإن لم يجد من يبذلها له مجانا ، بصورة أو بأخرى : كان له أن ينسخها من غيره ، ولو
بأجر النسخ ، أو ثمن يناسبها ، وإنما الإثم هنا على من باعها على غيره ، من غير حق
.
وينظر جواب السؤال رقم : (81614) ، ورقم : (95173) .
ثانيا :
بخصوص وجود مقاطع موسيقى وصور محرمة ، وغير ذلك من المخالفات الشرعية عند تنصيب
الويندوز ، فالواقع أن هذه المخالفات المذكورة ليست مقصودة عادة لأحد ؛ فالواقع أنه
لا أحد يستخدم نسخة الويندوز لأجل أن يستمع إلى أصوات الموسيقى ، أو ينظر إلى صور
النساء ؛ وبناء على ذلك فينظر :
إن كان هناك نسخ للويندوز لا يوجد بها هذه المخالفات ، فالواجب أن تكون هذه هي
النسخ المعتمدة ، ما دامت تؤدي الغرض المطلوب ، والمصلحة المشروعة ، وتخلو من هذه
المنكرات والمفاسد الشرعية .
وإن كان البلاء عاما ، ولم
توجد نسخ من هذه البرامج نظيفة ، خالية من هذه المنكرات : جاز تنزيل هذه البرامج ،
وتنصيبها على الجهاز ، تحصيلا للفائدة ، والمصلحة الراجحة فيها ، مع الاجتهاد في
التخلص مما فيها من المنكرات ، قدر الطاقة ، إما بإغلاق الصوت أثناء تشغيلها ، أو
صرف النظر والسمع عنها ، قدر الإمكان .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ سَبَبًا لِلْفِتْنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ؛
فَإِنَّ الذَّرِيعَةَ إلَى الْفَسَادِ يجب سَدُّهَا ، إذَا لَمْ يُعَارِضْهَا
مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (15 /419) .
ثالثا :
يجب مسح وحذف ما يمكن مسحه وحذفه من تلك المخالفات ، ومن أمكنه مسح تلك المخالفات
أو بعضها فلم يمسحه فهو آثم ، سواء في حالة البيع أو حالة الاستعمال الشخصي .
وما لا يمكن مسحه وحذفه ، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وحينئذ يجوز تحميل
الويندوز للحاجة والضرورة ، وقد قال الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/ 16 .
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
" هذه الآية تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد أنه يسقط عنه ، وأنه إذا قدر على بعض
المأمور وعجز عن بعضه فإنه يأتي بما يقدر عليه ، ويسقط عنه ما يعجز عنه ، كما قال
النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) متفق عليه ،
ويدخل تحت هذه القاعدة الشرعية من الفروع ما لا يدخل تحت الحصر " انتهى من "تفسير
السعدي" (ص 868) .
والله تعالى أعلم .