هل ورد شيء في السنة عن وجوب تغطية الرأس عند دخول الخلاء للنساء والرجال ؟
الحمد لله.
أولا :
روى البيهقي في سننه (464) وأبو نعيم في الحلية (2/182) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : " كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْخَلاَءَ غَطَّى رَأْسَهُ ، وَإِذَا أَتَى أَهْلَهُ غَطَّى رَأْسَهُ ".
وإسناده ضعيف ، انظر " الضعيفة " (4192) .
وروى البيهقي (465) عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْخَلاَءَ لَبِسَ حِذَاءَهُ وَغَطَّى رَأْسَهُ ) .
وهذا مرسل ، وضعفه الشيخ الألباني في "ضعيف الجامع" (4393) .
فلا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الباب شيء .
ثانيا :
ثبت هذا الأمر من فعل بعض السلف :
فعن عُرْوَة ، عَنْ أَبِيهِ : " أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ، قَالَ ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ : " يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لأظل حِين أَذْهَبُ إلَى الْغَائِطِ فِي الْفَضَاءِ ، مُغَطّيًا رَأْسِي اسْتِحْيَاءً مِنْ رَبِّي "
رواه ابن المبارك في " الزهد " (1/107) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (1/105) .
وإسناده صحيح .
وينظر : "العلل" ، للدارقطني (1/186) .
قال البيهقي رحمه الله في السنن (1/96) :
"رُوِىَ فِى تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلاَءِ عَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، وَهُوَ عَنْهُ صَحِيحٌ "
وقال ابن أبي شيبة (1/106) : حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ ابْنِ طَاوُوس ، قَالَ : " أَمَرَنِي أَبِي إذَا دَخَلْتُ الْخَلاَءَ أَنْ أُقَنِّعَ رَأْسِي ، قُلْتُ : لِمَ أَمَرَك بِذَلِكَ ؟ قَالَ : لاَ أَدْرِي " .
ثالثا :
ذهب طائفة من الفقهاء إلى أن التقنع وتغطية الرأس ، هو من محاسن الآداب ، ومستحباتها :
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (2/ 93):
" قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ : يستحب أن لا يدخل الْخَلَاءَ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ " انتهى .
وقال المرداوي رحمه الله في "الإنصاف" (1/ 97):
" يُسْتَحَبُّ تَغْطِيَةُ رَأْسِهِ حَالَ التَّخَلِّي. ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ " انتهى .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (22/ 5):
" يُسْتَحَبُّ أَنْ لاَ يَدْخُل الْخَلاَءَ حَاسِرَ الرَّأْسِ ، لِخَبَرِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَخَل الْخَلاَءَ لَبِسَ حِذَاءَهُ ، وَغَطَّى رَأْسَهُ " انتهى .
وسئل ابن عثيمين رحمه الله عن حكم دخول الحمام مكشوف الرأس؟
فأجاب بقوله : " دخول الحمام مكشوف الرأس لا بأس به ، لكن استحب الفقهاء تغطية الرأس عند دخول الخلاء " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (11 /68) .
وقد يقال ، والله أعلم : إنما كان ذلك من محاسن الآداب والأخلاق حيث كان قضاء الحاجة في مكان بارز مكشوف ، وليس في أماكن مستترة ، كحال الكنف ، ودورات المياه الآن .
وعلى كل :
فالأمر كما سبق : لم يصح فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن فعله من السلف ، إنما فعله لعظيم استحيائه ، وتستره في مثل هذا المقام .
ونحو ذلك ما رواه ابن أبي شيبة (1/106) بسند صحيح عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : " إنِّي لأغْتَسِلُ فِي الْبَيْتِ الْمُظْلِمِ ، فَأَحْنِي ظَهْرِي إذَا أَخَذْتُ ثَوْبِي حَيَاءً مِنْ رَبِّي " .
فمن فعل ذلك ، تأسيا بمن فعله من السلف : فهو أدب حسن محمود ، إن شاء الله ، شريطة أن يقوم بقلبه ذلك المعنى السابق : عظم الحياء من الله عز وجل ، والأدب معه .
ومن تركه فلا حرج عليه ، ولا كراهة في حقه ، إن شاء الله .
وأما القول بوجوب تغطية الرأس عند دخول الخلاء فلم يقل به أحد من علماء المسلمين فيما نعلم .
ولمعرفة آداب قضاء الحاجة يراجع جواب السؤال رقم : (2532) .
والله أعلم .