الحمد لله.
هذه المسألة ننبه في جوابها إلى أمور :
1- لا يحل للمسلم ابتداء أن يضيف شيئا من الكحول أو الخنزير ، أو غيرها من المواد
المحرمة إلى شيء من طعامه ، أو شرابه ، ولو كان شيئا يسيرا ؛ لأنه مأمور باجتناب
ذلك كله .
2- إذا وجد المسلم شيئا من الطعام أو الشراب يباع في السوق ، ولم يتيقن ، أو يغلب
على ظنه ، أنه أضيف إليه شيء من المواد المحرمة ، فإن الأصل هو حل ذلك الطعام أو
الشراب ، والشك وحده لا يؤثر .
3- إذا علم أنه قد أضيف شيء من الكحول أو الخنزير ، أو غيره من المحرمات ، إلى
الطعام أو الشراب : فإن كان بنسبة يسيرة ، استهلكت في المواد الأخرى ، ولم يبق لها
أثر في الطعام أو الشراب ، بحيث لم يظهر لها لون ، أو طعم ، أو ريح : فإن ذلك أيضا
لا يؤثر ، ولا يحرم تناول هذه الأطعمة أو المشروبات ، وهذا هو الحال في النسبة
الضئيلة المذكورة في السؤال ، فمثل هذه النسبة تستهلك فيما أضيفت إليه ، ولا يبقى
لها أثر .
4- يحرم تناول شيء من هذه الأطعمة ، أو المشروبات ، إذا كان قد أضيف إليها نسبة
كبيرة مؤثرة من المحرمات ، أو نسبة يسيرة ، لكنها مؤثرة لم تستهلك ، بل بقي شيء من
صفاتها : اللون ، أو الطعم ، أو الرائحة ، أو شيء من آثارها : كالإسكار بالنسبة
للكحول ونحوه من المواد المخدرة .
5- بالنسبة للمواد المسكرة : لا يشترط أن يكون القدر الذي يتناوله عادة من هذه
الأطعمة : مسكرا ؛ فمن المعلوم أن الحلوى أو الشيكولاتات ، لا يمكن أن يكون فيها
نسبة من الكحول تسبب الإسكار بصورة مباشرة ، من القدر الذي يتناوله الناس عادة ؛
وإنما القاعدة الشرعية في ذلك : أن ما أسكر كثيره ، فقليله حرام .
6- هناك أصل عام ، وأدب شرعي للمؤمن : أن ما حاك في صدرك : فدعه ؛ وما سبب لك الريب
وعدم الطمأنينة : فدعه ، وخذ من الطيبات ما لا يسبب لك ذلك ؛ قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ ؛ فَإِنَّ
الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ ) رواه الترمذي (2442) وغيره
، وصححه الألباني ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْحَلَالَ
بَيِّنٌ ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا
يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ؛ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ : اسْتَبْرَأَ
لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ ؛
كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ ، أَلَا وَإِنَّ
لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى ، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ ) . رواه البخاري
(1910) ومسلم (2996) .
وينظر جواب سؤال رقم : (114129).
والله أعلم .