لا يجوز للمسلم أن يدعو على أخيه المسلم أو على أهله بالهلاك
لقد دعا عليَّ أحد اصدقائي ، وقال لي : جعلك الحادث أنت وأهلك ، ويموتون كلهم إلا أنت .
فهل يستجاب الدعاء إذا بدأ بجعلك مع العلم أنه كثير الذنوب والمعاصي فهل تستجاب دعوته ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
لا يجوز للمسلم أن يدعو على أخيه المسلم بغير حق ، ولا أن يتمنى له حصول المكروه في
دينه أو دنياه .
فإذا ظلمه أخوه المسلم أو أساء إليه فله أن يدعو عليه بقدر ظلمه وإساءته لا يتعدى
ذلك ، فإن صبر على أذاه وتجاوز عنه فهو خير له عند ربه ، قال تعالى : ( وَإِنْ
عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ
خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ) النحل/ 126
وانظر جواب السؤال رقم : (106446) ، (129911)
.
ثانيا :
إذا أراد المظلوم أن يدعو على ظالمه لم يجز له أن يتعدى في ذلك بالإساءة إلى أهله
أو الدعاء عليهم ؛ لأنهم لا يؤاخذون بذنب صاحبهم لا في الدنيا ولا في الآخرة.
روى أبو داود (4495) ، والنسائي (4832) عَنْ أَبِي رِمْثَةَ رضي الله عنه قَالَ : "
انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي نَحْوَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي :
ابْنُكَ هَذَا ؟ قَالَ : إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ . فقَالَ : ( أَمَا إِنَّهُ لَا
يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ ) وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) " . صححه
الألباني في "صحيح أبي داود" .
قال في " عون المعبود " (11/176) :
" ( لَا تَجْنِي عَلَيْهِ ) : أَيْ : عَلَى اِبْنك , وَالْجِنَايَة الذَّنْب
وَالْجُرْم مِمَّا يُوجِب الْعِقَاب أَوْ الْقِصَاص , أَيْ لَا يُطَالَب اِبْنك
بِجِنَايَتِك , وَلَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسه ( وَلَا تَزِر وَازِرَة
وِزْر أُخْرَى ) : وَهَذَا رَدّ لِمَا اِعْتَادَتْهُ الْعَرَب مِنْ مُؤَاخَذَة
أَحَد الْمُتَوَالِدَيْنِ بِالْآخَرِ [أي : معاقبة الأب بذنب ابنه ، أو معاقبة
الابن بذنب أبيه]" انتهى .
وانظر جواب السؤال رقم : (129911) .
ثالثا :
دعاء المسلم على أخيه المسلم أو على أهله بالهلاك من التعدي في الدعاء فلا يجوز ،
إنما يُدعى بالهلاك على الكفار المحاربين أو المسلم المسرف المفسد الذي لا ينكف شره
عن الناس إلا بهلاكه .
رابعا :
لا يشترط لإجابة دعوة الداعي أن يكون من أهل الصلاح - وإن كان صلاح الداعي سببا
لقبول دعائه ، لأن الله يستجيب دعوة المظلوم وإن كان عاصيا ؛ فعن أبي هريرة أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( دعوة المظلوم مستجابة ولو كان
فاجراً ، ففجوره على نفسه ) رواه أحمد (8781) وحسنه الألباني في "صحيح الجامع"
(3382) .
وانظر جواب السؤال رقم : (41114) .
خامسا :
ليس مجرد أن يبدأ الداعي دعاءه على غيره بقوله " جعلك " سببا في استجابة دعائه ،
وخاصة إذا تعدى فيه وأساء وظلم ، فإن الله سبحانه وتعالى حكم عدل ، فكما أنه يكره
فعل الظالم فإنه أيضا يكره إسراف المظلوم وتعديه ، لأنه ظلم أيضا .
والله تعالى أعلم .