الحمد لله.
ما فعلتْه الأخت السائلة من تعليقها الموافقة على الزوج إلى أن يترك التدخين أمرٌ جيد ورائع وهي جديرة بأن تشكر عليه وأن يثنى عليها .
والتدخين من قبائح الأفعال ، وهو محرَّم في الشرع ، ومخالف للفطرة السليمة ، ومضر لصحته وصحة من بجانبه ، وهو أشبه ما يكون بنافخ الكير فهو إما أن يحرق ثوبك وإما أن تشم منه رائحة خبيثة .
لكن المستغرب من الأخت السائلة طول مدة صبرها على زوجها بعد أن اكتشفت أنه لم يترك التدخين ، وهذه المدة والتي استمرت خمس سنوات وأنجبت خلالها طفلين هي مدة طويلة ، وهي تدل على رضاها أو عدم مبالاتها بفعله ، ومعلوم أن مثل هذا الأمر لا يُصبر عليه مثل هذه المدة .
والشروط التي تشرطها المرأة على زوجها قبل النكاح تجعلها – عند مخالفتها من قبَل زوجها - بالخيار إن شاءت فسخت النكاح وإن شاءت تنازلت عنها وبقيت على نكاحها .
وتنازل المرأة عن شرطها ، أوعلْمها بمخالفة زوجها لشروط النكاح ورضاها بهذه المخالفة يدل على سقوط هذه الشروط ، وليس لها المطالبة بها ولا هي تملك فسخ العقد بعد ذلك .
والذي يظهر في هذه المسألة هو هذا الأمر ، فلو أن الأخت السائلة صبرت فترة معقولة ، أو رفضت البقاء على عقد النكاح من أول يوم عرفت فيه بقاء زوجها على تدخينه : لكان لها أن تفسخ النكاح وتأخذ حقوقها كاملة إلا أن يترك زوجها التدخين حقيقة .
أما وقد بقيت هذه المدة الطويلة وأنجبت خلالها طفلين فلا نرى أنه يجوز لها المطالبة بفسخ النكاح فضلا عن تعويض مقابل نقض زوجها للعهد وعدم وفائه به .
وعلى الزوج تقوى الله سبحانه وتعالى ، وعليه أن يعلم أن ما يفعله هو من كبائر الذنوب ، وقد أضاف إليه ذنباً آخر وهو عدم وفائه بالعهد ومخالفته لشرط النكاح ، وشروط النكاح هي أوثق الشروط وأعظمها عند الله تعالى لأنه تستحل بها الفروج .
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج " . رواه البخاري ( 2572 ) ومسلم ( 1418 ) .