الحمد لله.
لا يجوز لابنة خالتك الهرب من عائلتها والعيش مع عائلة أخرى ، لما في ذلك من عقوق والديها ، والإساءة إليهم وإلى سمعتهم ، مع ما في عيشها عند عائلة أجنبية عنها من المخاطر العظيمة عليها في دينها .
ومهما لقيت من سوء المعاملة من أهلها فإن ذلك لا يقارن بما تنوي الإقدام عليه ، وما سلكت امرأة هذا السبيل إلا فسدت وانحرفت وذهب دينها ، وذلك من جزاء العقوق المعجل في الدنيا قبل الآخرة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا : البغي والعقوق " رواه الحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2810
وقد تندم في ساعة لا ينفعها فيها الندم ، حين يموت والدها أو تموت أمها غاضبة عليها.
فالواجب عليها أن تعود مع أهلها ، وأن تبر والدها وتحسن إليه ، وإن نالها أذى فلتصبر ولتحتسب ، ولتعلم أن نار الدنيا ليست كنار الآخرة ، وأنها لو أصابها ما أصابها في الدنيا ثم نالت رضا الله ودخلت جنته ، فهي السعيدة حقا ، وأنها لو حصّلت ما حصلت من متع الحياة ، ثم نالت غضب الله ودخلت ناره فهي الشقية حقا.
ولتعتبر ما يأتيها من أذى أهلها كالمرض الذي لا سبيل إلى دفعه ، وما يدريها فلربما حلت بها أمراض وأوجاع تفوق ذلك الأذى مرات ومرات ، جزاء معصيتها وعيشها عند غير أهلها.
ولتجتهد في الدعاء والتضرع إلى الله أن يهدي والديها وأخاها ، وأن يوفقها للزوج الصالح.
وإن أصر والدها على تزويجها بمن لا يصلح لها فلترفع أمرها إلى المحكمة الشرعية ، وكذا لو رفض أبوها تزويجها من الكفؤ المتقدم لها.
وليس لها أن تزوج نفسها بغير إذن وليها ، فإن فعلت كان زواجها باطلا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا نكاح إلا بولي " رواه أبو داود ( 2085 ) والترمذي (1101 ) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وقوله صلى الله عليه وسلم :" أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له " رواه أحمد ( 24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2709
والحاصل أنه ينبغي لك أن تنصحي ابنة خالك بما ذكرنا ، فإن أصرت على الهروب من أهلها ، لزمك إعلامهم بذلك ، منعا لحدوث هذا المنكر العظيم ، ولو أدى ذلك إلى عدم ثقتها بك في المستقبل ، فإن إنكار المنكر واجب على المستطيع ، وما تفعلينه هو خيرها وصلاحها ودواؤها .
وينبغي نصح هذا الأب ، وتذكيره بالله تعالى ، وتحذيره من الإساءة إلى أولاده بغير حق ، فإن هذا من الظلم الذي هو ظلمات يوم القيامة.
والله أعلم .