الحمد لله.
أولاً :
لا يجوز تصوير ذوات الأرواح ، من الإنسان أو الطير أو الحيوان ، إلا للضرورة أو
الحاجة ، والضرورة والحاجة تُقَدَّر بقَدَرِها ، مثل: صور إثبات الهوية وجواز السفر
ونحو ذلك ، ولا فرق في ذلك بين الرسم أو التصوير الفوتوغرافي ؛ لعموم الأدلة في
النهي عن التصوير وذَمِّ فاعله . ويُنظر جواب السؤال رقم : (22660)
، (8954).
ثانيًا:
إذا كانت الصورة للمرأة ، وكانت ستُنشَر في مجلة أو صحيفة أو موقع من مواقع
الإنترنت - كما في سؤالك - ؛ فالأمر أشَدُّ والإثم أعظَم ، فكيف إذا كانت هذه
المرأة تلبس فستان العُرس وهي في كامل زينتها ؟! لا شكَّ أنَّ هذا أشدُّ إثمًا، وفي
هذا من إشاعة الفساد ونشر الفتنة ما الله به عليم .
وليس من الضرورة تصوير النِّساء لرَفْع صُورهنَّ بفساتين الأعراس ، للترويج لبضاعة
جديدة ؛ بل هذه مفسدة كبيرة وفتنة عظيمة .
ولا يمنع هذه الفتنة ما ذكرتَه من وَضْع سؤال إجباري للزائر قبل الدُّخول للموقع
للسؤال عن جنسه : هل هو ذكر أو أنثى ؟ فقد كثُرَ الفُسَّاق ومُحبِّي الرذيلة في
المجتمعات ، وهم يجدون ضالَّتهم المفقودة في مثل هذه المواقع ، وليس عندَهم وازِعٌ
من دِين ولا خُلُق يمنعهم من دخول المواقع النسائيَّة التي خُصِّصت لأغراض معيَّنة
.
وعليه ؛ فرَفْع هذه الصُّور على المواقع إعانة على الإثم ، وستكون شريكا بوضعك لتلك
الصور، ولو وضعتَ هذا السؤال الاحترازيّ الذي لا يمنع قليلي الدِّين من الرِّجال
وغيرهم من الدُّخول لأغراض محرمة!
وأما الإجابة عن سؤالك الثاني : فتعمُّد النظر إلى النساء الأجانب حرام ؛ كما قال
تعالى: ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا
فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )
النور/ 30 .
وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ : " سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ ؛ فَأَمَرَنِي أَنْ
أَصْرِفَ بَصَرِي " رواه مسلم (2159) .
فلا يجوز تعمُّد النظر إلى النساء الأجانب إلا لحاجة أو ضرورة ، كخِطبة ، أو بيع أو
شراء ، أو نظر الطبيب للعلاج ، ونحو ذلك ، وكلُّ هذا يُقَدَر بقدره وبحسب الحاجة
والمصلحة .
وليس من الضرورة ما ذكرتَه في سؤالك من التأكُّد من عدم وجود أخطاء في قِسْم
الصُّوَر ؛ فرَفْع الصُّور محرَّم في الأصل - كما تقدَّم - ، ثم إنَّك لا تأمَن على
نفسك الافتتان بهذه الصُّوَر مع الوقت .
ثالثًا:
الأمور التي عمَّت بها البلوى يُقَدِّرها أهلُ العِلْم بقدرها ، وليس كلُّ ما عمَّت
به البلوى وانتشرَ وكان حرامًا ؛ أُبيحَ لمجرَّد عموم البلَوى .
فعلب المأكولات والمشروبات - مثلاً - التي عليها صُوَر نساء ، ممَّا عمَّت به
البلوى ، وليس المقصود منها الترويج لصُور النساء ؛ بل المقصود بيع المأكول أو
المشروب ، وعليه فيجوز بيع وشراء هذه العُلَب وإن كان عليها صُوَر ذوات الأرواح ؛
لتعسُّر التحرُّز منها ؛ فالمشقَّة تجلب التيسير.
ولا يجوز الاستدلال بهذا على جواز النظر للنِّساء في مثل حالتك ، بحُجَّة أنَّ
النظر إلى هذه الصُّور ليس مقصودًا لذاته ! فهذا وقوع في الحرام ، والنظر محرَّم
مهما كان القصد ، إلا للحاجة أو الضرورة - كما تقدَّم - .
ويشكر للسائل الكريم
اهتمامَه وحِرصَه على تحرِّي الحلال وعدم الوقوع في الإثم، والله تعالى نسأل أن
يجنِّبنا الحرامَ والوقوع في الفِتن ، آمين .
والله تعالى أعلم.