تعرفت على رجل عن طريق النت وتريد مداومة الحديث معه والتعرف عليه لرغبتها في الزواج منه
أنا مسلمة ، أرغب بالزواج من أحد الإخوة الذين التقيتهم على النت ، إنه رجل اعتنق الإسلام ، ويعيش في الخارج ، وذو أخلاق طيبة ، إلا أنه من غير عمل ، وسيجد قريباً - إن شاء الله - ، أمّا أنا ففي السنة الأخيرة في الجامعة ، ولن يسمح لي أبوي بالزواج إلا بعد أن انتهي من الدراسة ، أي إن أمامنا ستة أشهر تقريباً لننتظر ، ونريد في هذه الأثناء أن نتعرف على بعضنا أكثر ؛ حتى يعرف كل منّا مدى ملاءمته للآخر ؛ لأنه لا يمكنني إقحام وليي في الموضوع هكذا دون تفاصيل مسبقة عمن أريد الزواج به ، فأريد أن أتأكد من أهليته لأن يكون أباً في المستقبل قادراً على النفقة ..الخ ، أي بعبارة أخرى لا أريد أن أترك فرصة ، ولو ضئيلة ، لعائلتي ترفض بها هذا الرجل ، وقد صليت صلاة الاستخارة ، وعلى ما يبدوا أن ما جمعته عنه حتى الآن يبعث على الرضى .
فماذا تقترحون عليَّ في كيفية التواصل معه في حدود الحشمة ، والاعتدال ، وفي إطار الشرع ؟
الجواب
الحمد لله.
التحقق من الأهلية الخلقية والدينية في الخاطب هو أحد ركني الزواج الناجح ، والركن
الثاني هو التوافق العاطفي والميل القلبي ، والركن الأول هو الركن الأهم ؛ لأن
الخلق والدين أساس كل علاقة ناجحة ، وركن كل بيت سعيد ، وإن خلا من تمام المحبة
والعاطفة .
فلذلك ينبغي الاهتمام بهذا الركن إلى الغاية الممكنة ، والاستعانة بالله عز وجل في
اختيار صاحب الدين والخلق , وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم : (105728)
بعض الوسائل التي يستعان بها على تحقيق هذا الأمر.
أما بخصوص المحادثة بين الرجل والمرأة الأجنبيين على برامج المحادثة : فهذا الأصل
فيه المنع ، لأنه باب شر وفتنة , وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء ،
حتى أوقعتهم في العشق ، وقادت بعضهم إلى فعل الفواحش والموبقات ، والشيطان يخيل
للطرفين من أوصاف الطرف الآخر ما يوقعهما به في التعلق والعشق المفسد لأمور الدنيا
والدين .
وقد سدت الشريعة كل الأبواب المفضية إلى الفتنة ، ولذلك حرمت الخضوع بالقول ,
ومصافحة الأجنبية والنظر إليها ، والخلوة بها ، وهذه المحادثات الخاصة سبب من أسباب
الفتنة كما هو مشاهد ومعلوم .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات علما بأن
هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام ؟
فأجاب :
"لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه ؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن
المراسل أنه ليست هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ، ويغريها به
، وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد
يأتيه وهو مؤمن ، ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه .
ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة ، وخطر كبير ، يجب الابتعاد عنها ، وإن كان
السائل يقول : إنه ليس فيها عشق ولا غرام " .
انتهى ، نقلا عن : " فتاوى المرأة " ، جمع محمد المسند ، ص 96 .
ولاشك أن التخاطب عبر الشات أبلغ أثرا ، وأعظم خطرا من المراسلة عن طريق البريد .
فاتقي الله تعالى أيتها السائلة ، وامتنعي عن محادثة هذا الرجل ، فذلك أسلم لدينك ،
وأطهر لقلبك ، واعلمي أن الزواج بالرجل الصالح منَّة ونعمة من الله تعالى ، والنعمة
لا تنال بالمعصية .
فإن أراد هذا الرجل الزواج منك فليأت البيوت من أبوابها , وليتواصل مع وليك لخطبتك
, ويبقى بعد ذلك أمر التحقق من دينه وخلقه ، ممكنا بالوسائل المشروعة التي بيناها
في الفتوى المحال عليها سابقا .
ثم إن هذا الأمر في حقيقته هو مسؤولية الولي ، وواحد من أهم أدواره في تولي عقد
النكاح ، أن ينظر في حال الخاطب ، ويتدبر أمره ، ويرى ملاءمته ، وأهليته ، وقدرته
على الوفاء بالتزامات الزوجية ، ولا تتمكن المرأة من الحكم على تلك الأمور حكما
موضوعيا ، صحيحا .
على أن بإمكانك أن تخبريه بما يجب عليه توفيره ، قبل أن يتقدم إليك ، فإذا ما تيسرت
أموره المادية ، وأصبح في حال ملاءمة ، فعليه أن يأتي البيت من بابه ، ويتقدم
لوالدك ، ويتعرف على أسرتك .
والله أعلم.