الحمد لله.
قال القرطبي رحمه الله : " إن قيل : ما الحكمة في تقديم ذكر الوصية على ذكر الدَّيْن, والدين مقدم عليها بإجماع ، أي تقضى ديون الميت من تركته قبل إخراج ما أوصى به ... فالجواب من أوجه خمسة :
الأول : إنما قصد تقديم هذين الفصلين على الميراث ولم يقصد ترتيبهما في أنفسهما ; فلذلك تقدمت الوصية في اللفظ .
جواب ثان : لما كانت الوصية أقل لزوما من الدين قدمها اهتماما بها; كما قال تعالى: "لا يغادر صغيرة ولا كبيرة" الكهف/49.
...
جواب ثالث: إنما قدمت الوصية إذ هي حظ مساكين وضعفاء , وأخَّر الدَّيْن إذ هو حظ غريم يطلبه بقوة وسلطان وله فيه مقال .
جواب رابع : لما كانت الوصية ينشئها من قبل نفسه قدَّمها , والدين ثابت مؤدّى ذكره أو لم يذكره. "
انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج/5 ص/74
وزاد بعض العلماء وجهين آخرين
" وإنما قدّمت الوصيّة على الدَّين في الذكر لأن الوصية إنما تقع على سبيل البر والصلة بخلاف الدَّين فإنه إنما يقع غالباً بنوع تفريط فوقعت البداءة بالوصية لكونها أفضل .
وقيل قدمت الوصية لأنها شيء يؤخذ بغير عوض والدَّين يؤخذ بعوض فكان إخراج الوصية أشقُّ على الوارث من إخراج الدَّيْن وكان أداؤها مظنّة للتفريط بخلاف الدَّيْن فإن الوارث مطمئن بإخراجه فقدّمت الوصية لذلك " . انظر التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية للشيخ صالح للفوزان ص/27.