الحمد لله.
فلو علم الزوج بعد العقد بأن المرأة بها صرع ، ففسخ النكاح ؛ لأجل ذلك العيب ، وكان ذلك قبل الدخول ، فلا شيء للمرأة من المهر .
قال ابن قدامة رحمه الله : " الفسخ إذا وجد قبل الدخول , فلا مهر لها عليه , سواء كان من الزوج أو المرأة ، وهذا قول الشافعي ؛ لأن الفسخ إن كان منها , فالفرقة من جهتها , فسقط مهرها ... وَإِنْ كَانَ مِنْهُ ، فَإِنَّمَا فَسَخَ لَعَيْبٍ بِهَا دَلَّسَتْهُ بِالْإِخْفَاءِ ، فَصَارَ الْفَسْخُ كَأَنَّهُ مِنْهَا " .
انتهى من " المغني " (7/144) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قوله : ( فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلاَ مَهْرَ ) أي : إن كان الفسخ قبل الدخول ، فلا مهر للزوجة ، سواء كان العيب فيه أو فيها .
أما إذا كان العيب فيها ، فعدم وجوب المهر لها واضح ، مثاله : إنسان عقد على امرأة ، وقبل أن يدخل عليها تبين أن فيها عيباً ، فَفَسَخَ العقدَ ، فليس لها مهر ؛ لغشها وغرورها ، فهي التي غرت الزوج .
وإذا كان العيب في الزوج ، وهي فسخت من أجل عيب الزوج ، فيقول المؤلف : لا مهر لها ؛ لأن الفرقة جاءت من قبلها ، فهي التي طلبت الفسخ .
والصحيح في ذلك : أنه إذا كان العيب في الزوج ، وفسخ قبل الدخول : فلها نصف المهر ؛ لأن الزوج هو السبب ، فكيف نعامل هذا الرجل الخادع الغاش بما يوافق مصلحته ؟!
وقولهم : إن الفرقة من قبلها ؛ لأنها هي التي طلبت الفسخ ، نقول : هي ما طلبت الفسخ من أجل هواها أو مصلحتها ، بل من أجل عيبه ، ففي الحقيقة هو الذي غرها ، وهي تقول : أنا أريد هذا الزوج ، لكن ما دام معيباً ، فأنا لا قدرة لي على أن أبقى معه ، فالفرقة الآن من قبله هو في الواقع ، وعند أهل العلم : أن كل فرقة تكون من قبل الزوج ، فإن المرأة تستحق بها نصف المهر .... " انتهى من " الشرح الممتع " (12/227 - 228) .
والحاصل : أن من وجد في امرأته عيباً يفوت به مقصد من مقاصد النكاح ، كالصرع - مثلاً - ، فله أن يطلب الفسخ ، وإذا حصل الفسخ قبل الدخول : فلا شيء للمرأة ؛ لأن الفسخ إنما حدث بسبب منها هي .
والله أعلم .