ما صحة الحديث المروي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال: (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال: أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار ... الحديث).
الحمد لله.
هذا الحديث رواه ابن خزيمة بلفظه في صحيحه 3/191 رقم (1887) وقال: إن صح الخبر، وسقطت (إن) من بعض المراجع مثل (الترغيب والترهيب) للمنذري (2/95) فظنوا أن ابن خزيمة قال: صح الخبر، وهو لم يجزم بذلك.
رواه المحاملي في أماليه (293) والبيهقي في شعب الإيمان (7/216) وفي فضائل الأوقات ص 146 رقم 37 وأبو الشيخ ابن حبان في كتاب (الثواب) عزاه له الساعاتي في (الفتح الرباني) (9/233) وذكره السيوطي في (الدر المنثور) وقال: أخرجه العقيلي وضعفه) والأصبهاني في الترغيب، وذكره المنقي في (كنز العمال) 8/477، كلهم عن طريق سعيد بن المسيب عن سلمان الفارسي، والحديث ضعيف الإسناد لعلتين هما:
فيه انقطاع حيث لم يسمع سعيد بن المسيب من سلمان الفارسي رضي الله عنه.
في سنده "علي بن زيد بن جدعان" قال فيه ابن سعد: فيه ضعف ولا يحتج به، وضعفه أحمد وابن معين والنسائي وابن خزيمة والجوزجاني وغيرهم كما في (سير أعلام النبلاء) (5/207)
وحكم أبو حاتم الرازي على الحديث بأنه منكر، وكذا قال العيني في (عمدة القاري) 9/20 ومثله قال الشيخ الألباني في (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة) ج2/262 رقم (871) فيتبين ضعف إسناد هذا الحديث ومتابعته كلها ضعيفة، وحكم المحدثين عليه بالنكارة، إضافة إلى اشتماله على عبارات في ثبوتها نظر، مثل تقسيم الشهر قسمة ثلاثية: العشر الأولى عشر الرحمة ثم المغفرة ثم العتق من النار وهذه لا دليل عليها، بل فضل الله واسع، ورمضان كله رحمة ومغفرة، ولله عتقاء في كل ليلة، وعند الفطر كما ثبتت بذلك الأحاديث.
وأيضاً: في الحديث من تقرب فيه بخصلة من الخير كمن أدى فريضة وهذا لا دليل عليه بل النافلة نافلة والفريضة فريضة في رمضان وغيره، وفي الحديث أيضاً: من أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه وفي هذا التحديد نظر، إذ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف في رمضان وغيره ، ولا يخص من ذلك إلا الصيام فإن أجره عظيم دون تحديد بمقدار ، للحديث القدسي كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
فينبغي الحذر من الأحاديث الضعيفة، والتثبت من درجتها قبل التحديث بها، والحرص على انتقاء الأحاديث الصحيحة في فضل رمضان، وفق الله الجميع وتقبل منا الصيام والقيام وسائر الأعمال.
وللفائدة ينظر هذا الجواب:
حديث سلمان في فضائل شهر رمضان ضعيف
والله أعلم.