هل هناك أي أطعمة وصى بها الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم- للحفاظ على صحة المرأة الحامل ، وجنينها - إن شاء الله تعالى - ؟
الحمد لله.
لا نعلم شيئا في الأحاديث الصحيحة وصى به النبي صلى الله عليه وسلم من الأطعمة أو الأشربة للحامل أو النفساء ، ومعرفة ذلك مرده إلى أهل الاختصاص من الأطباء وعلماء الأغذية .
وقد رُوى في هذا الباب جملة من الأحاديث الواهية التي لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن ذلك :
ما رواه أبو يعلى (455) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَطْعِمُوا نِسَاءَكُمُ الْوُلَّدَ الرُّطَبَ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُطَبٌ فَالتَّمْرُ ، وَلَيْسَ مِنَ الشَّجَرِ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ شَجَرَةٍ نَزَلَتْ تَحْتَهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ) . قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (5/ 199): " هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ جِدًّا " انتهى .
وروى الخطيب في "تاريخ بغداد" (9/ 336) عَنْ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَطْعِمُوا نِسَاءَكُمْ فِي نِفَاسِهِنَّ التَّمْرَ، فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ طَعَامُهَا فِي نِفَاسِهَا التَّمْرُ ، خَرَجَ وَلَدُهَا ذَلِكَ حَلِيمًا، فَإِنَّهُ كَانَ طَعَامَ مَرْيَمَ حِينَ وَلَدَتْ عِيسَى، وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ طَعَامًا هُوَ خَيْرٌ لَهَا مِنَ التَّمْرِ : أَطْعَمَهَا إِيَّاهُ ) . قال الشيخ الألباني رحمه الله ، في " السلسلة الضعيفة" (234) : " موضوع " .
وروى أبو نعيم في "الطب" (459) عَن أَبِي هُرَيرة، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم: ( ما للنفساء عندي شفاء مثل الرطب ، ولا للمريض مثل العسل ) . والحديث في إسناده علي بن عروة ، قال ابن حبان: كان يضع الحديث ، وكذبه صالح جزرة وغيره . ينظر : "ميزان الاعتدال" (3/ 145) . وأورده الشيخ الألباني في "الضعيفة" (264) وقال : " موضوع " .
وروى ابن سمعون في "أماليه" (ص 239) عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَطْعِمُوا نُفَسَاءَكُمُ الرُّطَبَ) ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ فِي كُلِّ حِينٍ يَكُونُ الرُّطَبُ ، قَالَ: فَتَمْرٌ ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كُلُّ التَّمْرِ طَيِّبٌ، فَأَيُّ التَّمْرِ خَيْرٌ؟ قَالَ: ( إِنَّ خَيْرَ تَمَرَاتِكُمْ الْبَرْنِيُّ ، يُدْخِلُ الشِّفَاءَ ، وَيُخْرِجُ الدَّاءَ ، لا دَاءَ فِيهِ ، أَشْبَعُهُ لِلْجَائِعِ ، وَأَدْفَأُهُ لِلْمَقْرُورِ ).
وشهر بن حوشب ضعيف الحديث ، وأورد حديثه هذا الألباني في "الضعيفة" (260) وضعفه .
على أنه قد ثبت عن غير واحد من السلف الوصاية بالرطب للنفساء ؛ فروى ابن أبي شيبة (5/ 60) بسند صحيح عَنْ إِبْرَاهِيمَ النخعي قَالَ: " كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ لِلنُّفَسَاءِ الرُّطَبَ " .
وروى الفضل بن دكين في كتاب "الصلاة" (ص 129) عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ ، قَالَ: " مَا لِلنُّفَسَاءِ عِنْدِي دَوَاءٌ مِثْلُ الرُّطَبِ " .
وينظر : " فتح الباري" لابن حجر ، رحمه الله (9/477) .
والظاهر أن قول من قال بذلك من السلف : إنما هو مبني على التجربة والعادة ، وقد أفادت البحوث الطبية أن الرطب يحتوي على مادة قابضة للرحم ، تقوي عضلات الرحم ، فتساعد على الولادة ، كما أنها تقلل كمية النزف الحاصل بعد الولادة .
وكذلك فإنه يحتوي على نسبة عالية من السكريات البسيطة السهلة الهضم ، وهي مصدر أساسي للطاقة ، مهم ومفيد للعضلات ، وخاصة عضلة الرحم التي تقوم بعمل كبير أثناء الولادة .
ولا أنفع للحامل وجنينها من تحري أكل الحلال ، والبعد عن الحرام والشبهات ، فلتجتهد المرأة وزجها في ذلك .
والله أعلم .