الحمد لله.
قال ابن حزم :
ومن كان محبوساً في حضَرٍ أو سفرٍ بحيث لا يجد تراباً ولا ماءً أو كان مصلوباً وجاءت الصلاة فليصلِّ كما هو وصلاته تامة ولا يعيدها ، سواء وجد الماء في الوقت أو لم يجده إلا بعد الوقت .
برهان ذلك : قول الله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) وقوله تعالى : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم " ، وقوله تعالى : ( وقد فصَّل لكم ما حرَّم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ) ، فصح بهذه النصوص أنه لا يلزمنا من الشرائع إلا ما استطعنا ، وأن ما لم نستطعه فساقطٌ عنَّا ، وصحَّ أن الله تعالى حرَّم علينا ترك الوضوء أو التيمم للصلاة إلا أن نضطر إليه ، والممنوع من الماء والتراب مضطرٌ إلى ما حرَّم عليه مِن ترك التطهر بالماء أو التراب ، فسقط عنا تحريم ذلك عليه ، وهو قادرٌ على الصلاة بتوفيتها أحكامها وبالإيمان ، فبقي عليه ما قدر عليه ، فإذا صلَّى كما ذكرنا فقد صلَّى كما أمره الله تعالى ، ومن صلَّى كما أمره الله تعالى فلا شيءَ عليه ، والمبادرة إلى الصلاة في أول الوقت أفضل لما ذكرنا قبل .
وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري والأوزاعي - فيمن هذه صفته - : لا يصلي حتى يجد الماء متى وجده.