الحمد لله.
ومن كان عنده أدنى علم بأمر الشرع ، وأصوله التي بني عليها ، ونظر أدنى نظر فيما ورد فيه من الوعد والوعيد : علم بطلان مثل هذا الكلام ، وأنه مناقض لما تواتر في كتاب الله وسنة رسوله من حال العصاة ، ووعيدهم ، وما علم - يقينا - من أن أناسا من هذه الأمة سوف ينالهم من هذا الوعيد ما ينالهم على معاصيهم : فكم من زانٍ ، أو سارقٍ ، أو قاتلٍ .. كم من هؤلاء من يعاقبه الله على جرمه ، ويلحق به وعيده وعذابه في الدنيا والآخرة ؟!
وقد ذكره الفتني في " تذكرة
الموضوعات " (ص 227) مختصرا فقال :
" وَفِي الذيل : ( لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَقُلْتُ
: إِلَهِي وَسَيِّدِي اجْعَلْ حِسَابَ أُمَّتِي عَلَى يَدَيَّ لِئَلا يَطَّلِعَ
عَلَى عُيُوبِهِمْ أَحَدٌ غَيْرِي . فَإِذَا النِّدَاءُ مِنَ الْعَلِيِّ : يَا
أَحْمَدُ إِنَّهُمْ عِبَادِي لَا أُحِبُّ أَنْ أُطْلِعَكَ عَلَى عُيُوبِهِمْ .
فَقُلْتُ : إِلَهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ الْمُذْنِبُونَ مِنْ أُمَّتِي ! فَإِذَا
النِّدَاءُ مِنَ الْعَلِيِّ : يَا أَحْمَدُ إِذَا كُنْتُ أَنَا الرَّحِيمُ وَكُنْتَ
أَنْتَ الشَّفِيعَ فَأَيْنَ تَبَيَّنَ الْمُذْنِبُونَ ؟ فَقُلْتُ حَسْبِي حَسْبِي)
، فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ : كَذَّاب " انتهى .
وذكره المتقي الهندي في " كنز العمال " (14/53) باللفظ السابق ، ثم قال : " محمد
ابن علي المذكر قال في المغني: متهم تالف، قلت: وأخلق بهذا الحديث أن يكون من
وضعه".انتهى .
والصحيح الثابت ما رواه مسلم
(202) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَلَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ : (
رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ
مِنِّي ) الْآيَةَ، وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ
فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ ) ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ : ( اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي ) ،
وَبَكَى ، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ
، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟ ) فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ ، وَهُوَ أَعْلَمُ ، فَقَالَ اللهُ : ( يَا
جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ ، فَقُلْ : إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ ،
وَلَا نَسُوءُكَ ) .
والله أعلم .