الحمد لله.
أما بعد : فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل على خِوان قط . ففي صحيح البخاري (6450 ) عن أنس رضي الله عنه قال : " لم يأكل النبي صلى الله عليه وسلم على خوان حتى مات ، وما أكل خبزا مرققا حتى مات ". والخوان بكسر الخاء وضمها.
قال في عون المعبود ( فالخوان بضم الخاء يكون من خشب وتكون تحته قوائم من كل جانب والأكل عليه من دأب المترفين لئلا يفتقر إلى التطاطؤ والانحناء).
ولا ريب في إباحة الأكل على الخوان أو الطاولة المرتفعة ، أو في إباحة أكل الخبز المرقق ، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلك تواضعاً وزهدا في متاع الحياة الدنيا.
قال الحافظ ابن حجر ( تركه عليه الصلاة والسلام الأكل على الخوان وأكل المرقق إنما هو لدفع طيبات الدنيا اختيارا لطيبات الحياة الدائمة ).
ولهذا لا يسوغ الإنكار على من تعاطى شيئا من ذلك ، ومن زار قوما فوجدهم يأكلون على الطاولة فلا حرج عليه بأن يأكل معهم على الطاولة وسيكون مستغرباً لديهم كثيراً لو انفرد عنهم بالجلوس على الأرض ، ولا يُلزمهم بذلك ، بل يلبي دعوتهم ، ويأكل معهم ، وإن بيّن لهم فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكرّهم بالزهد فهذا جيد حسن . والله أعلم.