كانت والدتي على النصرانية وقد أسلمت منذ 16 عاما ، وعائلتها لا تزال على النصرانية. وأنا في الوقت الراهن أقيم معهم ، حيث يقيم خالي مع أهله أيضا، أي أنه يقيم في نفس المكان الذي أقيم فيه. وبينما كنت أذكر هذا الأمر لصديقاتي، قلن بأن علي أن أرتدي الحجاب في وجوده. وأنا لا أوافقهم في ذلك لأنه من محارمي مع أنه نصراني. أرجو أن تبين رأيك في هذه المسألة.
خالك يعتبر محرما لك وعليه فيجوز أن ترفعي الحجاب عنده. ولا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باحتجاب النساء المسلمات عن أهاليهن الكفار، إلا أن العلماء ذكروا أنه ينبغي أن يكون القريب الذي تكشف عنده النساء أمينا، وهذا الشرط يجري على المسلم وعلى الكافر.
الحمد لله.
خالكِ يُعتبر محرَماً لكِ، وعليه: فيجوز أن ترفعي الحجاب عنده، ولا يُعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ باحتجاب النساء المسلمات عن أهاليهن الكفار. إلا أن العلماء ذكروا أنه ينبغي أن يكون القريب الذي تكشف عنده النساء أميناً، وهذا الشرط يجري على المسلم وعلى الكافر.
وقد ذكروا ذلك في باب المصافحة والتقبيل بين النساء ومحارمهن، أما إن كان محرمها ليس أميناً بحيث يصفها لغيره أو يُفتن بمشاهدتها فإنها تحتجب عنه سواءً كان مسلماً أم كافراً.
ومن مفردات الإمام أحمد رحمه الله أنه نصَّ على وجوب كون المحرَم في السفر للمسلمة مسلماً، ولم يوافقه على هذا الشرط بعض أصحابه، والعلة التي في منعه الكافر أن يكون محرَماً في السفر هو عدم أمانته، وخاصة إذا كان مجوسيّاً فإنه ذكر رحمه الله أنه لا يكون محرما لأمه لأنه يرى جواز جماعها !، وقد قال بعض أصحابه أن اليهودي والنصراني قد يبيعها أو يقتلها!
وإذا نظرنا إلى هذه العلة وجدناها تنطبق على بعض الفسقة من المسلمين فزال كون الكفر مانعاً من المحرمية وبقي ما عداه من فقد الأمانة والحفظ والرعاية.
ولمزيد تالفائدة، ينظر الجواب رقم (103878) ورقم (65925).
هذا بالنسبة للمحارم، وأما بالنسبة للأجانب من الكفار فقد وقع خلاف بين العلماء في جواز نظر المرأة الكافرة للمسلمة، والراجح من القولين: الجواز، وأن المنع إنما هو في الكشف على من لا تؤمَن من وصف المسلمة لغيرها من الأجانب سواء كانت مسلمة أو كافرة.
سئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:
“هل يجوز أن تكشف المرأة المسلمة شعرها أمام امرأة غير مسلمة خاصة وأنها تصف المرأة المسلمة أمام الرجال من أقربائها وهم غير مسلمين؟
فأجاب:
هذا الأمر مبني على اختلاف العلماء في تفسير قوله تعالى: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن. النور / 31.
فالضمير في قوله تعالى أو نسائهن اختلف فيه العلماء، فمنهم من قال إن المقصود الجنس، أي: جنس النساء عموماً، ومنهم من قال إن المقصود بالضمير الوصف، أي: النساء المؤمنات فقط.
فعلى القول الأول: يجوز للمرأة أن تكشف شعرها ووجهها أمام امرأة غير مسلمة، وعلى القول الثاني: لا يجوز.
ونحن نميل إلى الرأي الأول، وهو الأقرب؛ لأنَّ المرأة مع المرأة لا فرق فيه بين امرأة مسلمة وغير مسلمة، هذا إذا لم تكن هناك فتنة، أما إذا خشيت الفتنة كأن تصف المرأة لأقاربها من الرجال فيجب توقي الفتنة حينئذٍ، فلا تكشف المرأة شيئاً من جسدها كالرِّجليْن، أو الشعر أمام امرأة أخرى سواء مسلمة أو غير مسلمة.” انتهى من “فتاوى المرأة المسلمة” ( 1 / 532، 533).
ولمزيد الفائدة، ينظر الجواب رقم (13211) ورقم (43480).
والله أعلم.