الحمد لله.
قال ابن قاسم الحنبلي رحمه
الله في " حاشيته على الروض المربع " (4/437) :
"وأصول الشريعة توجب الرد بالتدليس والغش، والرد بهما أولى من الرد بالعيب ، فإن
المشتري إنما بذل ماله في المبيع بناء على الصفة التي أظهرها له البائع ، ولو علم
أنه على خلافها، لما بذل له فيها ما بذل له" انتهى ، وينظر : "إعلام الموقعين"
(2/15) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
"التدليس : أن يُظهر المبيع بصفة مرغوب فيها وهو خال منها ، ومن ذلك : تَصْرِيَة
اللبن في ضرع بهيمة الأنعام ، وهو ربط ضرع البهيمة حتى يجتمع فيه اللبن ، فإذا رآها
المشتري ظن أن هذه عادتها ، وأن لبنها كثير فيزيد في ثمنها ، فإذا وقع هذا من
البائع فقد حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ( فهو بالخيار [يعني :
المشتري] : إن شاء أمسكها ، وإن شاء ردها وصاعا من تمر) . وهذا الصاع هو مقابل
اللبن الذي كان موجودا فيها وقت العقد".
انتهى بتصرف يسير من "الشرح الممتع" (8/306-307) .
وبناء على هذا ؛ فيجوز لك أن تحتفظ بهذه الملابس ، وتكون قد تنازلت عن حقك في فسخ هذا العقد ، ويجوز لك أن تردها على البائع ، وتسترد حقك منه ، إذا كان القانون هناك يضمن لك حقك في مثل ذلك .
ثانيا :
أما بيع البضائع المقلَّدة ، فهذا له صورتان :
الصورة الأولى :
أن يخدع البائعُ المشتري ، فيوهمه أنها بضائع أصلية وليست مقلدة ، وقد يزيد على هذا
بأن يضع شعار الشركة الأصلية ، فهذا التصرف من البائع محرم ، وفيه اعتداء على حق
الشركة الأصلية وحق المشتري .
الصورة الثانية :
أن يكون البائع صادقا ، ويخبر المشتري بأنها ليست أصلية وإنما هي مقلدة ، أو يكون
المشتري على بينة من الأمر ، بما يظهر من القرائن كالفرق البيِّن في السعر ، بين
السلعة الأصلية ، والسلعة المقلدة ، ونحو ذلك من القرائن ؛ فهذا لا بأس به ، لأن
المعاملة حينئذ ليس فيها غش ولا تدليس ، وإنما هي مبنية على الصدق والبيان ، وإنما
البيع عن تراض ، وقد حصل ذلك بينهما .
لكن الذي ينبغي على المشتري : ألا يشتري السلع المقلدة ، لئلا يكون معينا على رواج
الغش والتدليس في الأسواق، أو الاعتداء على صاحب الحق الأصلي ، إذا كان معصوم المال
؛ خاصة فيما يجد له بديلا ملائما ، أو تكون له القدرة على شراء السلعة الأصلية .
والله أعلم .