الحمد لله.
أولا :
من المعلوم أن الأصل في سفر المرأة بغير محرم هو المنع والتحريم ؛ لما ورد في ذلك من أدلة صحيحة صريحة ، وقد سبق تقرير ذلك في مجموعة من الفتاوى ، منها رقم : (47029) ، ورقم : (145413) .
ومن شروط المحرم أن يكون بالغا ؛ لأن المقصود منه حفظ المرأة ، والصغير لا يحصل به ذلك وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (316) .
وبناء على هذا ؛ فالطفل البالغ من العمر تسع سنوات لا يكفي أن يكون محرما لوالدته في السفر .
ثانيا :
تحريم سفر المرأة بغير محرم هو تحريم وسائل ، وليس تحريم مقاصد وغايات ، وهذا النوع من المحرمات تجيزه الحاجة والمصلحة الراجحة ، ولا يتشدد فيه إلى القدر الذي قد يضيق على الإنسان ويضيع مصالحه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الشريعة جميعها مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم ، إذا عارضتها حاجة راجحة : أُبيح المحرَّم " انتهى من " مجموع الفتاوى " (29/49) .
وقال – أيضا - رحمه الله :
" ما كان من باب سد الذريعة : إنما يُنهى عنه إذا لم يُحتج إليه ، وأما مع الحاجة للمصلحة التي لا تحصل إلا به : فلا ينهى عنه " انتهى من " مجموع الفتاوى " (23/214) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" ما حُرِّم سدا للذريعة ، أبيح للمصلحة الراجحة ، كما أبيح النظر [ يعني : نظر المرأة إلى الرجل ] للخاطب ، والشاهد ، والطبيب " انتهى من " إعلام الموقعين" (2/161) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ما كان تحريمه تحريم وسيلة ، فإنه يجوز عند الحاجة " انتهى من " منظومة أصول الفقه " (ص/67) .
واستنادا إلى هذه القاعدة الشرعية ، فقد سبق في الموقع عدد من الفتاوى التي تجيز – في بعض الظروف التي توفرت فيها الحاجة ، أو تحققت المصلحة الراجحة – سفر المرأة بغير محرم ، وذلك في الأرقام الآتية : (175260) ، (181343) .
والخلاصة : أنه لا حرج من سفر زوجتك بولديها الصغيرين ، إذا غلب على ظنك تحقق المصلحة المرجوة من ذلك ، وكانت البيئة في بلدك التي تسافر إليها زوجتك ، أحفظ للأولاد ، وأعون لهم على دينهم .
مع التنبيه على أهمية مرافقة محرمها لها في مطار الإقلاع ، إلى أن يطمئن إلى صعودها إلى الطائرة ، وسفرها ، ثم يتأكد من مقابلة محارمها لها في مطار الوصول .
وينظر جواب السؤال رقم : (122630) .
والله أعلم .