الحمد لله.
هذا الذي سألت عنه أمر كبير قد أُلِّفت فيه الكتب ، ودُوِّنت فيه الأسفار ، ولا
يتيسر لنا في إجابة سؤال أن نذكر لك علماء المذهب المالكي في المغرب الإسلامي ،
ونعرفك بمؤلفاتهم في العقيدة ، والفقه ، وسائر علوم الدين ، ولكن يسعنا أن نذكر بعض
علماء المالكية في بلاد المغرب العربي وبعض مؤلفاتهم ، ثم نحيلك على بعض الكتب التي
اهتمت بذلك ، فمن هؤلاء الفقهاء:
1- أبو سعيد عبد السلام بن سعيد بن حبيب بن حسان بن هلال بن بكار بن ربيعة التنوخي
الملقب سحنون الفقيه المالكي، المتوفى سنة (240) هـ ، قرأ على ابن القاسم ، وابن
وهب ، وأشهب ثم انتهت الرياسة في العلم بالمغرب إليه ، كان أصله من الشام من مدينة
حمص ، قدم به أبوه مع جند أهل حمص وولي القضاء بالقيروان ، وعلى قوله المعول
بالمغرب ، وصنف كتاب " المدونة " في مذهب الإمام مالك رضي الله عنه ، وأخذها عن ابن
القاسم ، وكان أول من شرع في تصنيف " المدونة " أسد بن الفرات الفقيه المالكي بعد
رجوعه من العراق ، وأصلها أسئلة سأل عنها ابن القاسم فأجابه عنها، وجاء بها أسد إلى
القيروان وكتبها عنه سحنون ، وكانت تسمى " الأسدية " ثم رحل بها سحنون إلى ابن
القاسم في سنة ثمان وثمانين ومائة ، فعرضها عليه ، وأصلح فيها مسائل ورجع بها إلى
القيروان في سنة إحدى وتسعين ومائة ، وهي في التأليف على ما جمعه أسد بن الفرات
أولاً : غير مرتبة المسائل ، ولا مرسمة التراجم ، فرتب سحنون أكثرها ، وبوبه على
ترتيب التصانيف ، واحتج لبعض مسائلها بالآثار من روايته من موطإ ابن وهب وغيره ،
وبقيت منها بقية لم يتمم فيها سحنون هذا العمل المذكور. يراجع : " وفيات الأعيان "
(3 / 181).
2- ابْنُ أَبِي زَيْدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ القَيْرَوَانِيُّ المَالِكِيُّ
الإِمَامُ ، العَلاَّمَةُ ، القُدْوَةُ ، الفَقِيْهُ ، عَالِمُ أَهْلِ المَغْرِبِ ،
وَيُقَالُ لَهُ : مَالِكٌ الصَّغِيْرُ ، توفي سنة (371) هـ وَكَانَ أَحَدَ مَنْ
بَرَّزَ فِي العِلْمِ وَالعملِ ، قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ : حَازَ رِئاسَةَ الدِّينِ
وَالدُّنْيَا ، وَرُحَلَ إِلَيْهِ مِنَ الأَقطَار وَنَجُبَ أَصْحَابُهُ ، وَكَثُر
الآخذُوْنَ عَنْهُ ، وَهُوَ الَّذِي لَخَّصَ المَذْهَب ، وَمَلأَ البِلاَدَ مِنْ
تَوَالِيفِهِ، تَفَقَّهَ بِفُقَهَاء القَيْرَوَان ، صَنّف كِتَابَ " النَّوَادرِ
وَالزِّيَادَاتِ" فِي نَحْوِ المائَة جُزْء، وَاختصر " المُدَوَّنَةَ " ، وَعَلَى
هَذَينِ الكِتَابَيْنِ المُعَوَّلُ فِي الفُتْيَا بِالمَغْرِب ، وَصَنَّفَ كِتَاب "
العتبِيَّة " عَلَى الأَبْوَابِ، وَكِتَاب " الاقتدَاءِ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ " ،
وَكِتَابَ " الرِّسَالَةِ " ، وَكِتَاب " الثِّقَةِ بِاللهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى
اللهِ " ، وَكِتَاب " المَعرِفَةِ وَالتَّفْسِيْر" ، وَكِتَاب " إِعجَاز القُرْآنِ
" ، وَكِتَاب " النَّهْي عَنِ الجِدَالِ" ، وَرسَالته فِي الرَّدِّ عَلَى
القَدَريَّةِ ، وَرِسَالته فِي التَّوحيدِ، وغير ذلك من المؤلفات. يراجع : " ترتيب
المدارك وتقريب المسالك " (6 / 216) ، " سير أعلام النبلاء " (17 / 10) .
3- أسد بن الفرات بن سنان مولى بني سليم بن قيس . كنيته أبو عبد الله توفي سنة
(213) هـ ، من مصنفاته " الأسدية " في فقه المالكية. يراجع: " سير أعلام النبلاء "
(10 / 225) ، " الأعلام " للزركلي (1 / 298).
ثم إن أردت الاستزادة
والتبحر في معرفة علماء المالكية - رحمهم الله – وتراجمهم ، ومؤلفاتهم في علوم
الدين ، فهذه بعض الكتب التي عنيت بطبقات فقهاء المالكية:
1- "الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب" لابن فرحون المالكي ، وهو من أشهر
الكتب المؤلفة في تراجم أعيان الفقهاء المالكية. اشتمل على أكثر من (630) ترجمة.
2- "ترتيب المدارك وتقريب المسالك" ، لمؤلفه : القاضي عياض اليحصبي ، وهو موسوعة
عظيمة تتناول ترجمة رجال المذهب المالكي ورواة "الموطأ" ، وقد استهلَّ الكتاب ببيان
فضل علم أهل المدينة ، ودافع عن أصول مذهب مالك خصوصا في الأخذ بعمل أهل المدينة ،
وحاول ترجيح مذهبه على سائر المذاهب ، ثم شرع في ترجمة الإمام مالك وأصحابه
وتلاميذه، وهو يعتمد في كتابه على نظام الطبقات دون اعتبار للترتيب الألفبائي ؛ حيث
أورد بعد ترجمة الإمام مالك ترجمة أصحابه ، ثم أتباعهم طبقة طبقة ، حتى وصل إلى
شيوخه الذين عاصرهم وتلقى على أيديهم .
3- " نيل الابتهاج بتطريز الديباج " لمؤلفه : أحمد بابا التنبكتي ، المتوفى سنة
(963) هـــ .
4- " الجواهر الإكليلية في أعيان ليبيا من المالكية" لمؤلفه : الطاهر أحمد الزاوي .
5- "شجرة النور الزكية في طبقات المالكية" ، المؤلف: محمد بن محمد بن عمر بن علي بن
سالم مخلوف (المتوفى: 1360هـ) .
6- "رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية وزهادهم ونساكهم وسير من أخبارهم
وفضائلهم وأوصافهم" لأبي بكر عبد الله بن محمد المالكي.
7- ومن الكتب المعاصرة : "جمهرة تراجم الفقهاء المالكية" ، لمؤلفه : قاسم علي سعيد
.
ومن الكتب التي يجدر بطالب
العلم مطالعتها والانتفاع بها ، في معرفة أصول المذهب المالكي ، وكتبه ، ومصطلحاته
: كتاب "اصطلاح المذهب عند المالكية" ، للدكتور محمد إبراهيم علي ، رحمه الله ،
وكتاب : "دراسات في مصادر الفقه المالكي" ، للمستشرق : ميكلوش موراني.
والله أعلم.