اقترض بالدينار ويريد أن يسدد باليورو على أقساط
كان عمي المتوفى يسكن في فرنسا، و قد أودع مالا عند أبي في الجزائر بالدينار (يتصرف فيه أبي كما شاء، على سبيل القرض أو الوديعة، على أن يرده إذا طلب منه).
توفي عمي منذ سنين، و لم ترد زوجته أخذ المال آنذاك (زوجته هي الموكلة من قبل الورثة وهم جميعا يقطنون بفرنسا)، وفضلت تركه في الجزائر لمصاريفهم عند قضاء العطل في الجزائر. لكنها لم تعد منذ سنين لا هي ولا أبناؤها، ولا يبدو أنهم سيعودون، ويريد أبي إبراء ذمته.
لذا عرضت عليه إعطاءها مقابله باليورو، إذ أنني في فرنسا حاليا. و نحن في الجزائر لا نشتري أو نبيع اليورو إلا في السوق الموازية لأنه من الصعب جدا إجراء العملية عبر البنك من الجزائر.
وافق أبي وأعطاني قيمة الوديعة أو القرض بالدينار، لكنني لم أحولها باليورو في الجزائر(و قمت بدوري بإقراض المبلغ بالدينار لغيري في الجزائر) على أن أعطي زوجة عمي قيمة الوديعة (أو القرض) باليور من مدخولي في فرنسا، علما أنه لا يحصل لي أي استفادة من هذه العملية وأقوم بها فقط إبراء لذمة أبي (والقرض لغيري لمساعدتهم لا غير). أنا الآن في فرنسا، و قد اتصلت بزوجة عمي و رحبت بالفكرة و هي لا تمانع إعطاءها المبلغ على حصص (لأن البنك يفرض قيم عليا لا يمكن تجاوزها حال الإرسال هنا في فرنسا).
هل السداد بالصورة المشروحة جائز، و هل ينبغي أن أسدد كل حصة بسعر صرف السوق الموازية ليوم السداد؟
الجواب
الحمد لله.
إذا استدان المسلم نقودا فيجوز له أن يرجع إلى الدائن قيمتها بعملة أخرى ؛ لكن
بشرطين :
الشرط الأول : ألا يشترط ذلك عند عقد القرض . وهذا الشرط كما فهمنا متوفر في
مسألتك. الشرط الثاني : أن يرده بسعر الصرف في يوم قضاء الدين .
وقد سُئِلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :
ما حكم ما لو اقترض شخص ألف دولار، وعند حلول الأجل سدد ما اقترضه بعملة غير
الدولار ، بأن كان الدفع بالريالات ، فدفع بدلا من الألف دولار أربعة آلاف سعوديا ؟
مع العلم أن الألف دولار حين القرض يعادل 3500 ريال سعوديا .
فأجابت : "يرد المقترض جنس المال الذي اقترضه ، وإذا أراد أن يقضيه بعملة أخرى
فيكون بسعر الدولارات وقت القضاء ، ولكن لا يجوز للمسلم أن يشترط ذلك عند عقد القرض
؛ لأنه والحال ما ذكر يكون صرفا بدون تقابض ، وذلك لا يجوز لحديث عبادة .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة المجموعة الأولى " (14/166 ) .
وحديث عبادة التي أشارت إليه اللجنة هو ما رواه مسلم (2970) عن عبادة بن الصامت رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ،
وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، ... مِثْلًا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا
بِيَدٍ . فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا
كَانَ يَدًا بِيَدٍ) .
وبناء على هذا ؛ فلا مانع من أن تسد الدين باليورو ، ولكن يجب أن يكون ذلك بسعر
الصرف يوم السداد .
وأما تقسيم الدين إلى حصص فلا مانع من ذلك ، وإذا كان الزمن بين الحصص يتغير فيه
سعر الصرف بين الدينار واليورو؛ فيجب أن يراعى ذلك عند السداد ، فتكون كل حصة من
اليورو بسعرها يوم دفعها .
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم ( 99642 ) .
والله أعلم .