الحمد لله.
أولاً :
سبق الجواب عن التمثيل وما يتعلق به في السؤال رقم ( 10836 ) ، فيرجى مراجعته ، ونضيف إليه :
قال الشيخ بكر أبو زيد - حفظه الله - : المروءةُ مِنْ مقاصدِ الشرعِ ، وخوارمها من مسقطات الشهادة قضاءً ، والشرع يأمر بمعالي الأخلاق ، وينهى عن سفاسفها ، فكم رأى الراؤون الممثل يفعل بنفسه الأفاعيل في أيِّ عضوٍ مِن أعضائه ، وفي حركاته وصوته واختلاج أعضائه ، بل يمثل دور مجنونٍ أو معتوهٍ أو أبلهٍ... وعليه : فلا يمتري عاقل أنَّ التمثيل مِن أولى خوارم المروءة ، ولذا فهو مِن مسقطات الشهادة قضاءً ، وما كان كذلك : فإنَّ الشرع لا يُقرُّه في جملته... .
انظر : " المروءة وخوارمها " (ص221 ) لمشهور حسن .
ثانياً :
زواج الصغيرة قبل بلوغها : جائز شرعاً بل نقل فيه إجماع العلماء .
أ . قال الله عز وجل : ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن ) الطلاق / 4 .
وفي هذه الآية : نجد أن الله تعالى جعل للتي لم تحض – بسبب صغرها وعدم بلوغها – عدة لطلاقها وهي ثلاثة أشهر وهذا دليل واضح بيِّن أن الله تعالى جعله زواجاً معتدّاً به .
ب . عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت ست سنين ، وأُدخلت عليه وهي بنت تسع ومكثت عنده تسعاً .
رواه البخاري ( 4840 ) ومسلم ( 1422 ) .
“ تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وهي بنت ست سنين وبنى بها وهي بنت تسع سنين “ رواه البخاري ومسلم وعنده "سبع سنين" .
ولا يلزم من تزوج الصغيرة جواز وطئها ، بل لا توطأ إلا إن صارت مؤهلة لذلك ؛ ولذلك تأخر دخول النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها .
قال النووي :
وأما وقت زفاف الصغيرة المزوجة والدخول بها : فإن اتفق الزوج والولي على شيء لا ضرر فيه على الصغيرة : عُمل به ، وإن اختلفا : فقال أحمد وأبو عبيد : تجبر على ذلك بنت تسع سنين دون غيرها ، وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة : حدُّ ذلك أن تطيق الجماع ، ويختلف ذلك باختلافهن ، ولا يضبط بسنٍّ ، وهذا هو الصحيح ، وليس في حديث عائشة تحديد ولا المنع من ذلك فيمن أطاقته قبل تسع ولا الإذن فيمن لم تطقه وقد بلغت تسعا ، قال الداودي : وكانت عائشة قد شبَّت شباباً حسناً رضى الله عنها .
" شرح مسلم " ( 9 / 206 ) .
والمستحب أن لا يزوج الوليُّ ابنته وهي صغيرة إلا إذا كانت هناك مصلحة من ذلك .
قال النووي :
واعلم أن الشافعي وأصحابه قالوا : يستحب أن لا يزوِّج الأب والجد البكر حتى تبلغ ويستأذنها لئلا يوقعها في أسر الزوج وهي كارهة ، وهذا الذي قالوه لا يخالف حديث عائشة ؛ لأن مرادهم أنه لا يزوجها قبل البلوغ إذا لم تكن مصلحة ظاهرة يخاف فوتها بالتأخير كحديث عائشة ، فيستحب تحصيل ذلك الزوج لأن الأب مأمور بمصلحة ولده فلا يفوتها ، والله أعلم .
" شرح مسلم " ( 9 / 206 ) .