الحمد لله.
نهى الرسول صلى الله عليه وسلم من أكل ثوماً أو بصلاً أن يقرب المساجد ، وذلك حتى
لا يؤذي الملائكة والمصلين .
فقد روى البخاري (853) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: ( مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - يَعْنِي الثُّومَ - ، فَلَا يَقْرَبَنَّ
مَسْجِدَنَا ) ، وفي لفظ لمسلم (561) : ( فَلَا يَأْتِيَنَّ الْمَسَاجِدَ ) .
وروى البخاري (855) ، ومسلم (564) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ أَكَلَ
ثُومًا أَوْ بَصَلًا ، فَلْيَعْتَزِلْنَا ، أَوْ قَالَ : فَلْيَعْتَزِلْ
مَسْجِدَنَا ، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ ) .
وروى النسائي (707) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ( مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ [الثُّومِ وَالْبَصَلِ
وَالْكُرَّاثِ] ، فَلَا يَقْرَبْنَا فِي مَسَاجِدِنَا ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ
تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الْإِنْسُ ) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح
سنن النسائي " .
وهذه الأحاديث حملها بعض العلماء على الكراهة ، وحملها آخرون على التحريم .
قال ابن رجب الحنبلي في " فتح الباري " (8/15) :
" ولو أكله – يعني الثوم - ، ثم دخل المسجد كُره له ذلكَ .
وظاهر كلامِ أحمد : أنه يحرمُ ، فإنه قال - في رواية إسماعيل بن سعيد - : إن أكل
وحضر المسجدَ أثمَ " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"هذا الحديث وما في معناه من الأحاديث الصحيحة يدل على كراهة حضور المسلم لصلاة
الجماعة ما دامت الرائحة توجد منه ظاهرة ، تؤذي من حوله ، سواء كان ذلك من أكل
الثوم أو البصل أو الكراث ، أو غيرها من الأشياء المكروهة الرائحة كالدخان ، حتى
تذهب الرائحة ، مع العلم بأن الدخان مع قبح رائحته : هو محرم لأضراره الكثيرة وخبثه
المعروف ...
ولو قيل بتحريم حضوره المساجد ما دامت الرائحة موجودة : لكان قولا قويا ؛ لأن ذلك
هو الأصل في النهي ، كما أن الأصل في الأوامر الوجوب إلا إذا دل دليل خاص على خلاف
ذلك ، والله ولي التوفيق" انتهى من " مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (12/83) .
وعلى كلا القولين (التحريم أو الكراهة ) : فإن من أكل بصلا ، ثم دخل المسجد وصلى
: فصلاته صحيحة ، لأن هذه الأحاديث إنما تنهى عن قربان المساجد حتى لا يؤذي
الملائكة والمصلين ، وليست نهيا عن نفس الصلاة ، أو بعض أركانها وواجباتها ، وإنما
هو نهي عن أمر خارج عن نفس الصلاة .
والله أعلم .