لم يثبت عن أحد من الصحابة أنه كان لا يرفع يديه مع التكبير في الصلاة ؟

31-10-2014

السؤال 224635


هل ورد عن الخلفاء الراشدين أنهم كانوا لا يرفعون أيديهم مع التكبير في الصلاة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه مع التكبير في أربع مواضع في الصلاة ، وهي : مع تكبيرة الإحرام ، وعند الركوع ، وبعد الرفع من الركوع ، وبعد القيام إلى الركعة الثالثة ، روى البخاري (739) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : " كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ ، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ ، وَإِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ " .
قال الإمام البخاري : قال علي بن المديني – وكان أعلم أهل زمانه - : "حق على المسلمين أن يرفعوا أيديهم لهذا الحديث" انتهى .
وقد روى أحاديث الرفع جماعة من الصحابة بلغوا ثلاثين صحابيا رضي الله عنهم منهم : أبو حميد ، رواه في محضر عشرة من الصحابة منهم أبو قتادة فصدقوه وقالوا : " هكذا كان يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، ورواها أيضا عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر ، ووائل بن حجر ، ومالك بن الحويرث ، وأنس ، وأبو هريرة ، وأبو أسيد ، وسهل بن سعد ، ومحمد بن مسلمة ، وأبو موسى ، وجابر بن عمير الليثي ... وغيرهم .
فصار الحديث بذلك متواترا لا يتطرق إليه شك ، وقد عمل به الصحابة وأنكروا على من لم يعمل به .
كان عبد الله بن عمر إذا رأى من لا يرفع رماه بالحصباء ، وهي الحجارة الصغيرة التي كانوا يفرشونها في المسجد ، وأمره أن يرفع ، رواه البخاري في كتابه "رفع اليدين" . وقال النووي : إسناده صحيح . المجموع (3/375) .
وذهب الحنفية إلى أنه لا يستحب رفع اليدين إلا في تكبيرة الإحرام فقط ، وعارضوا هذه الأحاديث بحديثين : أحدهما عن البراء بن عازب ، والثاني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما ، وكلاهما ضعيف لا يصح الاحتجاج به .
فحديث البراء ضعفه الأئمة سفيان بن عيينة ، والشافعي ، وأحمد ، ويحيى بن معين ، والبخاري ، وغيرهم .
وحديث ابن مسعود ضعفه الأئمة عبد الله بن المبارك ، وأحمد ، والبخاري ، والدارقطني ، والبيهقي ، وغيرهم .
ثانيا :
أما ورود ذلك عن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ، فقد سبق أن عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ممن رووا أحاديث الرفع عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا شك أنهما كانا يرفعان أيديهما ، ولا يجوز أن يظن بهما غير ذلك ، ولذلك ذكرهما العلماء من الصحابة الذين كانوا يرفعون أيديهما في الصلاة .
وأما أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فقد ورد عنه ما يشير إلى ذلك .
فقد روى ابن المنذر في " الأوسط " (3/304) عن الإمام عَبْد الرَّزَّاقِ الصنعاني أنه قال : " أَخَذَ أَهْلُ مَكَّةَ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ فِي الِافْتِتَاحْ وَالرُّكُوعِ ، وَرَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، وَأَخَذَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ ، وَأَخَذَهُ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَخَذَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، وأخذه أبو بكر الصديق عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
وقال البيهقي (2535) بعد أن روى رفع اليدين عن بعض الصحابة ، قال : " وروينا عن أبي بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وجابر بن عبد الله ، وعقبة بن عامر ، وعبد الله بن جابر البياضي رضي الله عنهم .
وقد روى بعض الناس عن أبي بكر وعمر وعلي أنهم لم يكونوا يرفعون أيديهم في الصلاة .
وهذا لا يصح عنهم .
قال الإمام الشافعي رحمه الله : ولا يثبت عن علي وابن مسعود ، يعني : ما روي عنهما أنهما كانا لا يرفعان أيديهما من غير تكبيرة الإحرام .
بل قال الإمام البخاري رحمه الله : لم يثبت عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يرفع يديه .
وقال الحسن البصري رحمه الله : رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أيديهم إذا كبروا وإذا ركعوا وإذا رفعوا رؤوسهم ، قال الإمام البخاري : فلم يستثن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد جزم بعض الأئمة بصحة رفع اليدين عن الخلفاء الراشدين ، فقد ختم البيهقي البحث في هذه المسألة بما رواه عن الإمام أبي بكر بن إسحاق الفقيه ، قال : " قد صح رفع اليدين (يعني في هذه المواضع) عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم عن الخلفاء الراشدين ، ثم عن الصحابة والتابعين" انتهى .
انظر : " الأوسط " لابن المنذر (3/299-308) ، " المجموع " للنووي (3/367-376) ، " المغني " لابن قدامة (2/171-174) .
والله أعلم .
صفة الصلاة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب