الحمد لله.
تأليف وابتكار الحوارات التعليمية وقراءة الأستاذ أو الطلاب لها ، أفتى أهل العلم
بجوازها لما فيها من مصلحة تعليمية وتربوية .
قال ابن حجر الهيتمي الشافعي رحمه الله تعالى:
" في الحديث الصّحيح ( حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) وفي رواية ( فإنّه كانت
فيهم أعاجيب ) هذا دالّ على حلّ سماع تلك الأعاجيب للفرجة لا للحجّة اهـ . ومنه
يؤخذ حلّ سماع الأعاجيب والغرائب من كلّ ما لا يتيقّن كذبه بقصد الفرجة ، بل وما
يتيقّن كذبه ، لكن قصد به ضرب الأمثال والمواعظ وتعليم نحو الشّجاعة على ألسنة
آدميّين أو حيوانات " .
انتهى من " تحفة المحتاج بشرح المنهاج " ( 9 / 398 ) .
وقال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى :
" هذه القصص التمثيلية من قبيل ما كتبه علماؤنا المتقدمون من المقامات التي تقرأ في
المدارس الدينية وغير الدينية ، كمقامات البديع ومقامات الحريري ... فهو يقول – أي
الحريري – إنه لم يعرف عن أحد من علماء الأمة إلى زمنه أنه حرم أمثال تلك القصص
التي وضعت عن الحيوانات ككتاب " كليلة ودمنة " وغيره ؛ لأن المراد بها الوعظ
والفائدة ، وصورة الخبر في جزئياتها غير مرادة ، وما سمعنا بعده أيضا أن أحداً من
العلماء حرم قراءة مقاماته " .
انتهى من " فتاوى الإمام محمد رشيد رضا " ( 3 / 1091 – 1092 ) .
لكن يشترط لهذه الحوارات المبتكرة شرطان :
الشرط الأول : خلوها من المحتويات المحرمة .
الشرط الثاني : عدم نسبتها لشخص حقيقي لأنه في هذه الحالة تكون كذبا وفيها تلبيس .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
" الإنسان إذا ضرب مثلاً بقصة ، مثل أن يقول: أضرب لكم مثلاً برجل قال كذا أو فعل
كذا وحصلت ونتيجته كذا وكذا ، فهذه لا بأس بها ، حتى إن بعض أهل العلم قال في قول
الله تعالى: ( وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا
جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا
زَرْعًا ) الكهف ( 32 ) . قال: هذه ليست حقيقة واقعة ، وفي القرآن: ( ضَرَبَ
اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا
لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا
يَعْلَمُونَ ) الزمر ( 29 ) . فإذا ذكر الإنسان قصة لم ينسبها إلى شخص معين ، لكن
كأن شيئاً وقع وكانت العاقبة كذا وكذا فهذا لا بأس به.
أما إذا نسبه إلى شخص وهي كذب فهذا حرام تكون كذبة ، وكذلك إذا كان المقصود بها
إضحاك القوم ، فإنه قد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( ويل لمن حدث
فكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له ).
انتهى من " لقاء الباب المفتوح " ( 77 / 23 ترقيم الشاملة ).
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم : ( 174829
) .
والحوارات التعليمية ليست من
قبيل التمثيل ، لأن جوهر التمثيل تقمص شخصية ما وتمثيل مشاهد متعلقة بها .
وهذا المقصد غير موجود ولا مقصود في الحوارات التعليمية ، بل المقصود الوحيد من هذه
الحوارات هو تعلم النطق والتعبير بطريقة صحيحة .
والله أعلم .