الحمد لله.
أولا :ثانيا :
لا حرج في التسمي بعمران وقد كان يحمل هذا الاسم جمع من الصحابة ، منهم عمران بن
حصين ، وعمران بن بلال رضي الله عنهما ، وغيرهم .
ثالثا :
أكثر العلماء على جواز التسمي بأسماء الأنبياء ، ومن منع ذلك من العلماء فإنما قصد
صيانة أسمائهم عن الابتذال وما يعرض لها من سوء الخطاب عند الغضب وغيره .
قال ابن حجر : " وذكر الطبري أن الحجة في ذلك حديث أنس ( يسمونهم محمدا ويلعنونهم )
قال وهو ضعيف لأنه من رواية الحكم بن عطية عن ثابت عنه ، وعلى تقدير ثبوته فلا حجة
فيه للمنع ، بل فيه النهي عن لعن من يسمى محمدا " انتهى من " فتح الباري " (10/580)
.
والصحيح جواز التسمي بأسماء الأنبياء ، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه :
إبراهيم ، وبوب على ذلك البخاري في صحيحه فقال : باب من تسمى بأسماء الأنبياء . وقد
أخرج البخاري ومسلم عن أبي موسى أنه ولد له ولد فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم
فسماه إبراهيم وحنكه بتمرة .
وفي صحيح مسلم (2135) عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ
نَجْرَانَ سَأَلُونِي، فَقَالُوا: إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ يَا أُخْتَ هَارُونَ،
وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: ( إِنَّهُمْ
كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ ) .
فهذا شرع من قبلنا ، ولم يأت شرعنا بخلافه ، بل قد جاء بموافقته كما سمى النبي صلى
الله عليه وسلم ابنه إبراهيم ، وقال ( سموا باسمي ) وكما تسمى كثير من الصحابة
والتابعين بإبراهيم ويونس ويوسف وعيسى وإسحاق وغيرهم .
قال النووي " استدل به [ يعني : حديث إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم ] جماعة على جواز
التسمية بأسماء الانبياء عليهم السلام وأجمع عليه العلماء إلا ما قدمناه عن عمر رضى
الله عنه وسبق تأويله وقد سمى النبى صلى الله عليه و سلم ابنه ابراهيم وكان فى
أصحابه خلائق مسمون بأسماء الانبياء " . انتهى من "شرح مسلم للنووي" (14/117) .
قال ابن حجر : " ويقال إن طلحة قال للزبير : أسماء بنيّ أسماء الأنبياء وأسماء بنيك
أسماء الشهداء ، فقال : أنا أرجو أن يكون بنيّ شهداء ، وأنت لا ترجو أن يكون بنوك
أنبياء ، فأشار إلى أن الذي فعله ، أولى من الذي فعله طلحة " انتهى من " فتح الباري
" (10/580) .
رابعا :
وأما التسمية بسكينة فلا كراهية فيه لعدم اشتماله على تزكية ، إذ هو مشتق من الوقار
والسكون والطمأنينة وعدم الاضطراب ، ومن وصف نفسه بذلك لم يكن مزكيا نفسه ، وقد كان
من الصحابيات ومن بعدهن من تحمل هذا الاسم كسكينة بنت أبي وقاص رضي الله عنها ،
وسكينة بنت الحسن وغيرهن .
وأما التسمية بهدى وما شابهه كبيان وتقى وإيمان ، فقد كره بعض العلماء التسمي بها
لاشتمالها على التزكية ؛ وبعض العلماء لم ير في ذلك شيئا وقد سبق بيان ذلك مع شيء
من البسط في جواب السؤال رقم (222715) ، فليراجع .
فلو تركت التسمية بما هو محل إشكال ، أو تردد : فهو أحسن ، وأحوط لك ،
وفي الأسماء الحسنة المشروعة : غنية عن ذلك كله .
ولو كان الاسم قد وقع ، أو عملت بقول من رخص في ذلك من أهل العلم ، فلا حرج عليك إن
شاء الله في ذلك .
ونحب التنبيه هاهنا إلى أن الأمر في شأن هذه الأسماء أوسع مما يظن
كثير من الناس سواء كان ذلك في الأسماء المشتملة على التزكية ، أو التي يستبشع
الجواب فيها بالنفي عند السؤال : " أثم فلان " ؟ .
وذلك لأن العلماء نصوا على أن النهي الوارد فيها إنما هو نهي تنزيه ، لا نهي تحريم
، ثم إنه لم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان يغيّر جميع الأسماء المشتملة
على التزكية ، بل ورد أنه صلى الله عليه وسلم غيّر بعض الأسماء المستكرهة ، فلم
يرغب أصحابها التغيير فأقرهم عليها ولم يجبرهم على ذلك كجد سعيد بن المسيب المسمى
حزنا ، وكحرب ومرة ، وغير ذلك .
قال أبو الوليد الباجي المالكي : " وقد روى سمرة بن جندب النهي ، وإنما هو نهي على
الكراهية للفظ ولذلك أقر حزنا على ما أراد من الاستمساك باسمه ورضيه وكره تغييره
ولو كان ذلك محرما لم يقره على ذلك ولذلك أقر حربا ومرة على أسمائهما ولم يأمرهما
بتغييرهما مع كراهيته والله أعلم " . انتهى من " المنتقى شرح الموطأ " (7/296) .
قال ابن مفلح : " وقال ابن هبيرة في حديث سمرة " لا تسم غلامك يسارا ولا رباحا ولا
نجيحا ولا أفلح , فإنك تقول : أثم هو ؟ فلا يكون , فيقول : لا " قال ابن هبيرة :
هذا على الاستحباب ; لأنه علل ذلك . فربما كان طريقا إلى التشاؤم والتطير , والنهي
يتناول ما يطرق الطيرة , إلا أن ذلك لا يحرم , لحديث عمر : إن الآذن على مشربة رسول
الله صلى الله عليه وسلم عبد يقال له رباح " انتهى من " الفروع " (6/108) .
والله أعلم .