الحمد لله.
وما تعيشون فيه من حياة
مشتركة بينكم – كما وصفت - أمر محرم لا يجوز ، لما يتضمنه من الاختلاط المحرم ،
وكشف العورات ، وربما الخلوة ، وغير ذلك مما يغضب الله تعالى ويسخطه .
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الخلوة بالنساء والدخول عليهن بوجه عام ، وأكد
التحذير من أقارب الزوج ، لأنهم يتمكنون من الخلوة بالمرأة ويتاح في حقهم من أسباب
المنكر والفاحشة ما لا يتاح لغيرهم .
فعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ( إياكم والدخول على
النساء ) ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله ، أفرأيت الحمو ؟ قال : ( الحمو
الموت) " رواه البخاري ( 4934 ) ، ومسلم ( 2172 ) .
والحمو : هو قريب الزوج ، ومن الملاحظ : أن الصحابي أراد أن يستثني قريب الزوج من
الحكم ، فجاء التشديد من جهته ، لأن دخوله البيت لا يُستغرب .
قال النووي رحمه الله : "وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (الحمو الموت) : فمعناه :
أن الخوف منه أكثر من غيره , والشر يتوقع منه , والفتنة أكثر ، لتمكنه من الوصول
إلى المرأة والخلوة ، من غير أن ينكر عليه , بخلاف الأجنبي ، والمراد بالحمو هنا
أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه ، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته ، تجوز لهم
الخلوة بها , ولا يوصفون بالموت , وإنما المراد الأخ , وابن الأخ , والعم , وابنه ,
ونحوهم ممن ليس بمحرم ، وعادة الناس المساهلة فيه , ويخلو بامرأة أخيه , فهذا هو
الموت , وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه ، فهذا الذي ذكرته هو صواب معنى
الحديث ..." انتهى من " شرح مسلم " (14 / 154 ) .
ثانيا:
من حق المرأة على زوجها أن يكسوها ، فعن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال : "
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ ؟ قَالَ : (
أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ ، وَلَا
تَضْرِبْ الْوَجْهَ ، وَلَا تُقَبِّحْ ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) "
رواه أبو داود (2142) ، وقال : ( ولا تُقَبِّحْ ): أن تقول : (قبحك الله) " ،وصححه
الألباني في " إرواء الغليل" (2033) .
فهذا الحديث يدل على أن
النفقة حق واجب من حقوق الزوجة ، والواجب في هذه النفقة تحقيق كفاية الزوجة من
الطعام والشراب والكساء .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الحديث : " يعني : لا تخص نفسك بالكسوة
دونها ، ولا بالطعام دونها ، بل هي شريكة لك ، يجب عليك أن تنفق عليها كما تنفق على
نفسك ، حتى إن كثيرا من العلماء يقول : إذا لم ينفق الرجل على زوجته ، وطالبت
بالفسخ عند القاضي ، فللقاضي أن يفسخ النكاح ؛ لأنه قصَّر بحقها الواجب لها" .
انتهى من "شرح رياض الصالحين" (3/131).
وقال ابن قدامة في "المغني" (8 / 199): " وَتَجِبُ عَلَيْهِ كِسْوَتُهَا،
بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ .... وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِكِفَايَتِهَا، وَلَيْسَتْ
مُقَدَّرَةً بِالشَّرْعِ ... وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ ،
فَيَفْرِضُ لَهَا عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهَا، عَلَى قَدْرِ يُسْرِهِمَا
وَعُسْرِهِمَا، وَمَا جَرَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهِمَا بِهِ ، مِنْ الْكِسْوَةِ ...
فَيَفْرِضُ لِلْمُوسِرَةِ [يعني : الغنية] تَحْتَ الْمُوسِرِ مِنْ أَرْفَعَ ثِيَابِ
الْبَلَدِ ، وَلِلْمُعْسِرَةِ تَحْتَ الْمُعْسِرِ، غَلِيظُ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ
، وَلِلْمُتَوَسِّطَةِ تَحْتَ الْمُتَوَسِّطِ ، مِنْ ذَلِكَ ، وَيَزِيدُ مِنْ
عَدَدِ الثِّيَابِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِلُبْسِهِ، مِمَّا لَا غِنَى عَنْهُ ،
دُونَ مَا لِلتَّجَمُّلِ وَالزِّينَةِ " انتهى .
ثالثا :
الشبكة التي تقدم للمرأة هي جزء من المهر, والمهر حق خالص للمرأة ، جعله الله تعالى
لها ، وأمر الأزواج بدفعه إلى أزواجهن ، فقال تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ
صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا
فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا )النساء/ 4 , وعليه فإن ما أخذه زوجك منك من شبكة ،
وباعها في حاجته : فإنها دين عليه ، يجب عليه أن يوفيه لك.