الحمد لله.
وهناك أنواع أخرى غير هذه .
قال ابن حجر رحمه الله تعالى :
" وقد اجتمع لنا من الطرق الجيدة أكثر من عشرين خصلة " .
انتهى من " فتح الباري " ( 6 / 43 ) .
ومن المتفق عليه أن الإنسان لا يجوز له أن يتقصد إهلاك نفسه بهذه المصارع ؛ بل
الواجب على المسلم أن يحفظ نفسه ، ولا يحمله حبه للشهادة وطلبه لها أن يكون متهورا
، يلقي نفسه في المهالك .
قال الله تعالى :( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ )البقرة /195.
وقال الله تعالى : ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ
رَحِيمًا )النساء/29 .
وإنما يجوز له أن يباشر أسبابها إذا كانت مشروعة في حقه ؛ كأن يرى غريقا ، وهو يحسن السباحة ، ويغلب على ظنه أنه قادر على إنقاذه ، فيسعى في إنقاذه ، فيغرق.... ونحو ذلك .
والحاصل :
أنه إذا قدَّر الله للعبد أن يموت بسبب من هذه الأسباب التي ينال بها الشهادة ، فقد
حصل ما تمناه العبد ، وإن لم يُقَدِّرْ الله تعالى ذلك ، فإن العبد إذا كان صادقا
فإن الله تعالى يعطيه منزلة الشهداء ، مهما كانت موتته .
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا ، أُعْطِيَهَا ، وَلَوْ لَمْ
تُصِبْهُ ) رواه مسلم ( 1908 ) .
وعن سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
( مَنْ سَأَلَ اللهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ ، بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ
الشُّهَدَاءِ ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ ) رواه مسلم ( 1909 ) .
ومن أهم الأسباب التي ينال
بها العبد الشهادة في سبيل الله : الدعاء .
وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدعو الله بأن يرزقه الله الشهادة في سبيله ،
ويجعل موته في بلد رسوله الله صلى الله عليه وسلم (المدينة). وكان الصحابة يتعجبون
من ذلك ، لأن الجهاد في ذلك الوقت لم يكن في المدينة ، وإنما كان في أطراف الدولة
الإسلامية .
فاستجاب الله دعاءه ، فرزقه الشهادة في سبيله وجعل موته في المدينة النبوية .
والله أعلم .