الحمد لله.
وليس هناك نص في القرآن الكريم ، أو السنة النبوية : يدل بخصوصه على أن الله تعالى فرض علينا الصيام من أجل الإحساس بالفقير ، ولكن من ذكر ذلك من أهل العلم : بناه على أن هذا داخل في عموم التقوى التي نص القرآن الكريم على أنها الحكمة من الصيام ، ورأى أن ذلك مناسب لحال الصائم ، ولما عرف من الشرع من الندب إلى المواساة ، والتواد والتراحم بين المؤمنين .
قال السعدي رحمه الله :
" ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فإن الصيام من
أكبر أسباب التقوى، لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.
فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب
والجماع ونحوها، التي تميل إليها نفسه، متقربا بذلك إلى الله، راجيا بتركها، ثوابه،
فهذا من التقوى.
ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه، مع قدرته
عليه، لعلمه باطلاع الله عليه، ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان، فإنه يجري من
ابن آدم مجرى الدم، فبالصيام، يضعف نفوذه، وتقل منه المعاصي، ومنها: أن الصائم في
الغالب، تكثر طاعته، والطاعات من خصال التقوى، ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع،
أوجب له ذلك، مواساة الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى " انتهى من "تفسير
السعدي" (ص 86)
وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله :
" في الصيام خير كثير، فإنه يذكر الأغنياء بالفقراء والمحتاجين، فإن الإنسان إذا
جاع وعطش مع قدرته أو علمه أنه في آخر النهار سيجد الطعام وسيجد الشراب، سيتذكر
الفقير الذي لا يجد طعاماً ولا شراباً، ولذلك قالوا: إن هذا الصيام فيه مصلحة عظيمة
للإنسان من جهة تذكره للضعفاء، وخاصة إذا كان من الأغنياء والأثرياء.
فإن الغني ربما ينسى إخوانه من الضعفاء والفقراء بسبب ما فيه من الغنى، كما قال
تعالى: (كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) العلق/6-7 .
فالإنسان إذا استغنى أصابه الطغيان، ولكن إذا جاع كما يجوع الفقير ، وظمئ كما يظمأ
الفقير: دعاه ذلك إلى أن يتذكر هؤلاء الضعفاء فيعطف عليهم " انتهى .
"شرح زاد المستقنع" (100/ 7) بترقيم الشاملة
فنحن نصوم عبادةً لله تعالى ، وطاعةً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ؛ لنحصل تقوى
الله في قلوبنا ، والتي تكون بها سعادة الدارين ، ومن جملة التقوى : الشعور بحال
الفقير ، الذي يبعث على الإحسان إليه .
وينظر السؤال رقم : (26862)
والله أعلم .