امرأة بلغت سن اليأس المعتاد ورأت الدم فما حكمه ؟
بعد انقطاع الطمث بسبب سن اليأس وخضوعي للعلاج الكيماوي لمعالجة السرطان بدأت تخرج إفرازات لها نفس لون الحيض ولكن لا توجد لها نفس الرائحة ، فهل أمتنع عن الصلاة أم لا ؟
ملخص الجواب:
والخلاصة : أنه يحكم بأن هذا الدم حيض ما لم يقل الأطباء : إنه بسبب المرض أو
الأدوية ، أو إن هذه المرأة بلغت حدًّا لا يمكن أن تحيض معه .
والله أعلم .
الجواب
الحمد لله.
أولا :
الأصل في الدم الخارج من المرأة أنه دم حيض ، لأن هذه هي الحالة الطبيعية للمرأة .
فإذا لم يكن هناك سبب معلوم للدم ، كمرض أو حادث أو تناول أدوية ... ونحو ذلك فإنه
يحكم بأن هذا الدم حيض .
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (170225) .
ثانيا :
ليس لليأس من الحيض سن معينة ، بل ذلك يختلف باختلاف النساء .
وقد ينقطع الحيض مدة فتظن المرأة أنها يئست من المحيض ثم يعود ، فيكون هذا العائد
حيضا ، وتتبين أنها لم تكن يائسة من المحيض .
قال الله تعالى : ( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ
ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ) الطلاق/4 .
فلم تحدد الآية سنّا معينة ، وإنما ذكرت صفة اليأس فقط ، فإذا العبرة ليست بالسن ،
وإنما بحصول اليأس في الواقع ، بأن ينقطع دم الحيض ، فإذا استمر نزول الدم ، فهذا
يعني أن المرأة لم تيأس ، ولو كانت فوق الخمسين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" ولا حد لسن تحيض فيه المرأة ، بل لو قدر أنها بعد ستين أو سبعين رأت الدم المعروف
من الرحم لكان حيضا ، واليأس المذكور في قوله: ( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ
الْمَحِيضِ ) ليس هو بلوغ سن ، فلو كان بلوغ سن لبينه الله ورسوله ، وإنما هو أن
تيأس المرأة نفسها من أن تحيض ، فإذا انقطع دمها ويئست من أن يعود : فقد يئست من
المحيض ، ولو كانت بنت أربعين ، ثم إذا تربصت وعاد الدم تبين أنها لم تكن آيسة "
انتهى من " مجموع الفتاوى " (19 / 240) .
وقد علّق الشرع أحكام الحيض على مجرد خروج الدم المعروف بصفاته ، فإذا خرج من
المرأة فهي حائض .
قال الله تعالى :
( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي
الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ
فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ
وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) البقرة /222. .
وعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ ، أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ ، فَقَالَ
لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا كَانَ دَمُ
الْحَيْضَةِ فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ
الصَّلَاةِ ... ) رواه أبو داود (286) ، وحسّنه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" .
وهذا كله فيما إذا رأت المرأة الدم بلونه وصفته المعروفة ، والظاهر أنه لا يلزم أن
تجد منه ريح دم الحيض ؛ بل متى كان بلونه الأسود المعروف : فهو دم حيض . لكن إن
أشكل عليها بسبب المرض والأدوية وشكت أنه مجرد نزيف ففي هذه الحالة تراجع الطبيبة
المختصة لمعرفة الأمر .