هل دعا الرسول صلى الله عليه وسلم على عائشة بقطع يدها ؟

15-09-2015

السؤال 234379


أنا فتاة مسلمة عمري 16 سنة ، وأنا والحمد لله أستطيع الرد على شبهات الرافضة ، ولكن هناك حديث عرضوه علي لم أعرف الرد وهو : أن الرسول دعا على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بقطع يدها ، وكيف تفسيره ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
قصة عائشة رضي الله عنها وردت في عدد من مصادر السنة بإسناد ظاهره الصحة .
روى الإمام أحمد في مسنده (40 / 303) : عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : " دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَسِيرٍ ، فَلَهَوْتُ عَنْهُ ، فَذَهَبَ ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( مَا فَعَلَ الْأَسِيرُ ؟ ) ، قَالَتْ : لَهَوْتُ عَنْهُ مَعَ النِّسْوَةِ فَخَرَجَ ، فَقَالَ : ( مَا لَكِ ؟ قَطَعَ اللهُ يَدَكِ ، أَوْ يَدَيْكِ ) ، فَخَرَجَ ، فَآذَنَ بِهِ النَّاسَ ، فَطَلَبُوهُ ، فَجَاؤُوا بِهِ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ وَأَنَا أُقَلِّبُ يَدَيَّ فَقَالَ : ( مَا لَكِ ، أَجُنِنْتِ ؟ ) ، قُلْتُ : دَعَوْتَ عَلَيَّ ، فَأَنَا أُقَلِّبُ يَدَيَّ ، أَنْظُرُ أَيُّهُمَا يُقْطَعَانِ ، فَحَمِدَ اللهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا ، وَقَالَ : ( اللهُمَّ إِنِّي بَشَرٌ ، أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ ، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ ، أَوْ مُؤْمِنَةٍ ، دَعَوْتُ عَلَيْهِ ، فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَطُهُورًا ) " .

وهذا الحديث ليس فيه ما يعيب أمّنا عائشة رضي الله عنها ؛ لوجوه عدة :
الوجه الأول :
هذه القصة لم تر فيها عائشة رضي الله عنها ولا من حضرها ما يعيب في الدين والتقوى ، فعائشة رضي الله عنها هي من أخبرت بها ، وهذا يدلّ على أنها مجرد حادثة عادية وعارضة ، وليس لها تعلق بدين عائشة رضي الله عنها في شيء .
الوجه الثاني :
هذه القصة فيها منقبة لعائشة رضي الله عنها ، فالنبي صلى الله عليه وسلم بيّن أن لها عوضا عن هذا الدعاء الذي أخافها ، دعاء بالرحمة والفضل والطهارة من الذنب ، كما في آخر القصة : ( وَقَالَ : اللهُمَّ إِنِّي بَشَرٌ ، أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ ، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ ، أَوْ مُؤْمِنَةٍ ، دَعَوْتُ عَلَيْهِ ، فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَطُهُورًا ) .
الوجه الثالث :
هذا الحديث فيه بشارة كبيرة لأمّنا عائشة رضي الله عنها ، حيث أثبت أنها من أهل الإيمان عند الله تعالى ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال في آخر الحديث :
( فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ ، أَوْ مُؤْمِنَةٍ ، دَعَوْتُ عَلَيْهِ ، فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَطُهُورًا ) .
الوجه الرابع :
أن النبي صلى الله عليه وسلم بَيَّن في الحديث أن عائشة رضي الله عنها لم تكن تستحق هذا الدعاء ، وأن دعاءه عليها لم يكن له سبب شرعي ، وإنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بمقتضى بشريته . ولذلك تراجع عن هذا الدعاء ، ودعا الله تعالى أن يكون زكاة وطهورا لها .
وعائشة رضي الله عنها لم يستجب فيها الدعاء الأول ، فلم تقطع يدها ، وماتت رضي الله عنها ولم يصبها شيء من ذلك ؛ وهذا مما يثبت البشارة لها بالإيمان ، ودعاء الخير في آخر الحديث .
وإننا لنعجب من أولئك الذين يتعامون عن عشرات الأحاديث والمواقف التي تثبت فضل عائشة رضي الله عنها وشدة محبة النبي صلى الله عليه وسلم لها ، ولم يكن يحب إلا طيبا ، ثم يحاولون القدح فيها ، بمثل هذا الحديث الذي هو منقبة لها في الحقيقة ، ولكنهم قوم لا يفقهون.
ثانيا :
مما يحسن الانتباه إليه ، أن مجادلة أهل الضلال وسماع شبههم لا يليق إلا بمن تمكّن من العلم الشرعي ويعلم من نفسه القدرة على رد هذه الشبهات .
والمسلم إذا لم يكن متمكنا من العلم الشرعي فلا يصح له أن يتصدّر لسماع شبه أهل الضلال .
وقد اشتهر عن السلف الصالح النهي عن مجالسة أهل البدع وسماع أقوالهم ، ولا شك أن هذا هو اللائق بحالك وسنك ، أن تجتهدي في تعلم دينك ، وسنة نبيك ، والثبات على ذلك ، وتعرضي عن أهل البدع : فلا تسمعي لهم ، ولا تجادليهم ، حتى يكون عندك من العلم الراسخ ما تستطيعين به الرد على مثل هذه الشبهات .
والله أعلم .

المناقب
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب