الحمد لله.
والأخ الكبير له شيء من
الولاية على أخيه الصغير .
قال الشرواني في "حاشيته" (3/ 21):
" منْ لَهُ وِلَايَةُ التَّأْدِيبِ، فَيَشْمَلُ الْأُمَّ وَالْأَخَ الْكَبِيرَ "
انتهى .
وقال الجمل في "حاشيته" (4/ 426):
" يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مِثْلَ الْأَبِ كُلُّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ
التَّأْدِيبِ ، كَعَمِّهِ ، وَأَخِيهِ " انتهى .
وما دام الأب مسافرا ، فقد جرت عادة الناس أن الأخ الكبير يقوم بدور الأب في البيت ، فيكون هو المسئول عن الأسرة وعن تأديب إخوانه الصغار ومتابعتهم في التعليم ، ونحو ذلك ؛ فعليهم أن يوقروه ويطيعوه .
وأما في حالة وجود الأب معكم
في البيت .
فالأب هو الذي يدير البيت ويرتب مسئوليات كل شخص فيه ، فإن أمركم بطاعة أخيكم
الكبير، فعليكم طاعته ، وكذلك إذا لم يأمركم بها صراحة ، ولكنه يحب ذلك منكم ، أو
استقر العرف عندكم بذلك .
ولا شك أن الأب يحب من
أولاده أن يكونوا متحابين متطاوعين غير مختلفين .
وقد أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري حاكمين على
اليمن ، كل واحد منهما على منطقة منه وقال لهم : (تطاوعا ولا تختلفا) متفق عليه .
ومتابعة الأخ الأكبر أخاه
الصغير في دروسه ، وسؤاله عن أحواله ، مما يدل على رشده وجودة عقله ، وعلى الصغير
مراعاة ذلك ، فيجيبه عما يسأل عنه ، ويمتثل له ، ولا يغضب لسؤاله ومتابعته ، فهو لا
يفعل ذلك إلا لحرصه على مصلحة أخيه ، وحبه الخير له .
وكذلك إذا أمره بتنظيف البيت ، وإعانة أمه أو أخواته في ذلك ، فله الحق في هذا
الطلب ، وعلى الصغير أن يطيعه ؛ لأنه يأمره بمعروف ، ويحثه على طاعة والدته ،
وإعانة أخواته ، وهذا كله مشروع .
ولكن ، عليه أن يأمر أخاه برفق ولين ، ولا يشتد عليه ويعنف ، فإن الرفق ما كان في
شيء إلا زانه ، والعنف ما كان في شيء إلا شانه .
فإذا كان في كلامه شيء من العنف فعلى أخيه الصغير أن يدله على الرفق في معاملته
ومحادثته ، ولا حرج عليه أن يطلب من والدته أمره بذلك ، وإن احتاج أن يطلب ذلك من
أبيه بعد عودته من سفره فله ذلك ، في سبيل انتظام حال الأسرة وعدم تفككها ، ومراعاة
توافر المحبة والمودة بين أفرادها ، وتحلّ المشاكل بالتناصح والحكمة والموعظة
الحسنة ، لا بالضجر والعنف والشدة .
وانظر جواب السؤال رقم : (137115)
.
والله تعالى أعلم .