الحمد لله.
أولاً:
أمر الله تعالى الأزواج أن يعاشر كل منهما صاحبه بالمعروف ، والمعاشرة الجنسية بين
الأزواج تدخل في هذا الأمر ، ومما لا شك فيه أن كلا الزوجين بحاجة لـ " ثقافة جنسية
" تسهل عليهما الحياة الزوجية ، وتقوي ما بينهما من رباط .
وهذا الأمر قد وقع فيه إفراط ، وتفريط ، أما الإفراط : فهو ما ينتشر في الآفاق من
نشر لهذه الثقافة الجنسية بقوة ، من غير حياء ، ولا حشمة ، فتتناولها المناهج
الدراسية بالتعليم النظري ، ويتناولها كذلك دعاة الفحش ، والعهر ، بطريقة بعيدة كل
البعد عن الحياء .
ومن الإفراط المذموم في هذا الباب : أن يكون تعلم ذلك قبل الزواج بسنوات ، حيث لا
يحتاج إليه الشاب أو الفتاة في ذلك الوقت ، فيترتب على نشره في هذا السن دعوة
الشباب والفتيات إلى الفاحشة ، وإثارة هذه المسائل في عقولهم ، وإشغالهم بها .
وأما التفريط : فهو منع تعلم ما جاء به الشرع من الأحكام المتعلقة بذلك ، وعدم
معرفة ما يحتاج إليه منها ؛ فربما تزوجت الفتاة وهي لا تعلم متى يحل لزوجها أن
يجامعها ، ومتى يحرم ، وماذا يحل له منها ، وماذا يحرم ، وهكذا .
وليعلم أن التوجيهات الشرعية في مثل هذه الأمور ، تأتي في سياقات متنوعة ، وفي
مواقف متنوعة أيضا ، بحسب الحاجة والمصلحة ، مما يجعل الحديث عنها في سياقه الطبيعي
، وحجمه المعقول ، دون إفراط ولا تفريط ، ومن غير أن تتحول تلك المسائل إلى شغل عام
في حياة الإنسان ؛ فهي أمور مهمة ومطلوبة ، لكن لها حجمها الطبيعي ، وأدبها العام .
ومن أدب الشرع في تعليم ذلك والحديث عنه : أنه يعتمد على الكناية المفهمة ، والتي
يُستغنى بها عن التصريح بما يستحيا من ذكره ، ويخدش الحياء، كما في قوله تعالى : (
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ
لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ ) البقرة/ 187 ، وقوله تعالى : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ
لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) البقرة/ من الآية 223 ، وقوله صلى
الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله لما علِم بتزوجه من ثيب : ( فَهَلَّا تَزَوَّجْتَ
بِكْرًا تُضَاحِكُكَ وَتُضَاحِكُهَا وَتُلَاعِبُكَ وَتُلَاعِبُهَا ) رواه البخاري (
5052 ) ، ومسلم ( 715 ) .
ومن الآداب المهمة لذلك : الاعتماد على الرصيد الفطري لكل امرأة ، والذي يعطيها
قدرا كبيرا مما تحتاجه في ذلك ، ففي كل بيئة ينتقل قدر من المعارف المكتسبة ,
والخبرات المتعلقة بذلك من خلال نساء أهلها ، اللاتي سبقن إلى خوض مثل هذه التجارب
، في حدود لا تخدش الأدب ، ولا تخل بالحياء .
ثانياً:
أما بخصوص المواقع التي تعلِّم تلك الثقافة الجنسية فلا بأس بمطالعة ما فيها من
المواضيع الجادة العلمية المفيدة ، بشرط أن تكون تلك الموقع موثوقة فيما تقدمه من
المعلومات ، جادة في أداء رسالة تعليمية نزيهة ، بعيدة عن الإثارة الرخيصة ،
والدعايات التافهة .
وهو الأمر الذي ينطبق على الكتب والنشرات التي تعنى بذلك اللون من المعارف .
على أن يبدأ انشغال الشاب والفتاة بهذا النوع من المعلومات عند حاجتهما الفعلية
إليها ، بدخولهما في الزواج ، أو إقبالهما عليه وقرب حصوله لهما .
ثالثا :
المشاركة المباشرة في المنتديات ومواقع التواصل التي تعنى بالثقافة الجنسية :
تكتنفها محاذير عديدة ، ولعل من أخطرها : تلصص الفساق وأهل الفساد ، بأسماء مستعارة
، ومعلومات وهمية باعتباره امرأة ، بغية التسلية الرخيصة ، والتلاعب بالعقول
والقلوب .
بل إن مجرد مطالعة الموضوعات في تلك المواقع ، ينبغي أن يضبط بأمور مهمة ، منها
:
1. أن تخلو تلك المواقع ، والمقالات من الصور المحرَّمة ، كصور النساء عموماً ، أو
الصور اليدوية ، وخاصة تلك التي تُرسم فيها الأعضاء الجنسية .
2. تجنب الألفاظ النابية ، والتخلق بأخلاق الإسلام في الاكتفاء بما يوصل الرسالة ،
دون التعرض للألفاظ الصريحة المؤذية ، إلا أن تكون حاجة لذلك .
4. تجنب عرض تلك المواضيع بالصوت – كما تعقدها بعض النساء في دورات ! - ، ومن باب
أولى بالصوت والصورة ؛ لما في ذلك من تعريض المتكلمات أنفسهن للسوء ، من خلال
انتشار أشرطة تلك المحاضرات بين أيدي السفهاء ، وتعريض المتكلمات أنفسهن لتعليقات
ساخرة ، ومهينة ، من أهل الفساد .
3. عدم الاكتفاء في التعليم والتوجيه لمسائل الحب ، والعشق ، وممارسة الجنس ،
وتعليق الزوج بالفراش ، فالعلاقة الزوجية أسمى من أن تكون موجهة لذلك الاتجاه دون
غيره ، بل تعلَّم المرأة أخلاق الإسلام في التعامل مع زوجها ، وأهل زوجها ، وتعلَّم
أصول تربية أولادها ، وضبط علاقاتها بجيرانها ، وأقرباء زوجها ، وأمور تنظيف البيت
، وترتيبه ، والطهي ، واستغلال الوقت في التزود بالعلم الشرعي ، والإتيان بالأذكار
، وتعليمهن مسائل الشرع الخاصة بالنساء ، كأحكام الحيض ، والغسل ، وغير ذلك ، وبذلك
تكون هذه المواقع قد أدت رسالتها على أكمل وجه ، فمن المهانة للمرأة حصر تعليمها
وتوجيهها في الأمور الجنسية ، وأمور الفراش ، وهذه الأمور وإن كانت لها أهمية بالغة
، لكنها جزء من الحياة الزوجية ، لا كلها .
فمتى التزم المنتدى ، أو الكتاب ، أو الموقع : بما مر من الضوابط ، وغيرها من
أصول الآداب العامة : فلا مانع من قراءته ومطالعة ما فيه من المواضيع النافعة .
وبهذا يُعلَم : أنه لا يجوز نشر وتداول الصور الإباحيّة تحت أي ذريعة أو أي سبب
، أما الحديث والكتابة المجردان ، فلا بأس بهما إذا انضبط بالضوابط السابقة.
وللفائدة ينظر أيضاً أجوبة الأسئلة أرقام : (106376) ، (12301) ، (138101) ،
(236114) .
والله أعلم .