الحمد لله.
وروى مسلم (1578) عن أبي
سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بالمدينة
، قال : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُعَرِّضُ بِالْخَمْرِ ،
وَلَعَلَّ اللهَ سَيُنْزِلُ فِيهَا أَمْرًا ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ
، فَلْيَبِعْهُ وَلْيَنْتَفِعْ بِهِ ) ، قال : فَمَا لَبِثْنَا إِلَّا يَسِيرًا ،
حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللهَ تَعَالَى
حَرَّمَ الْخَمْرَ ، فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ وَعِنْدَهُ مِنْهَا
شَيْءٌ فَلَا يَشْرَبْ ، وَلَا يَبِعْ ) ، قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ بِمَا
كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ ، فَسَفَكُوهَا " .
قال النووي رحمه الله :
" قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ
الْآيَةُ ) أَيْ : أَدْرَكَتْهُ حَيًّا وَبَلَغَتْهُ ، وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ
قَوْلُهُ تَعَالَى : ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ) الْآيَةَ " انتهى من "
شرح مسلم للنووي " (11/ 3) .
وقال الشيخ محمد بن علي بن
آدم حفظه الله :
" لا خلاف بين علماء المسلمين ، أن سورة المائدة نزلت بتحريم الخمر " .
انتهى من " شرح سنن النسائي " (40/104) .
ثانياً :
اختلف العلماء رحمهم الله في تحديد السنة التي حرمت فيها الخمر ، فقيل : في السنة
الثالثة بعد غزوة أحد ، وهذا القول هو أشهر أقوال أهل العلم في المسألة .
وقيل : عام الفتح في السنة الثامنة . وقيل : غير ذلك من الأقوال .
قال القرطبي رحمه الله :
" وَأَمَّا الْخَمْرُ فَكَانَتْ لَمْ تُحَرَّمْ بَعْدُ ، وَإِنَّمَا نَزَلَ
تَحْرِيمُهَا فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ بَعْدَ وَقْعَةِ أُحُدٍ ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ
أُحُدٍ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنَ الهجرة " انتهى من " تفسير القرطبي "
(6/285) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
" وكان تحريمها [يعني : الخمر] بعد غزوة أحد في السنة الثالثة من الهجرة ..." .
انتهى " مجموع الفتاوى " (34/187) .
وقال ابن عاشور رحمه الله في
" التحرير والتنوير " (7/22) :
" والمشهور : أن الخمر حرمت سنة ثلاث من الهجرة بعد وقعة أحد " انتهى .
والله أعلم .