لا قطع إلا على من سرق ربع دينار فصاعدا
ما الحد الأدنى من السرقة الذي يوجب قطع اليد ؟
لقد قرأت حديثاً فيه أن اليد تُقطع في ربع دينار أو ثلاثة دراهم ، وبعد أن أجريت شيئاً من البحث ظهر أن الدينار يزن 4.25 جراماً، وبالتالي فإن ربع الدينار يزن 1.0625 جرام ، وقيمة الجرام الواحد من الذهب عندنا في الهند يساوي 2397 أي أن ربع الدينار يساوي 2546.81 روبية هندية ، وهو ما يعادل 38.5$ ، أو 140.2 قطري ، أو 144.4 سعودي. فهل هذه الحسبة صحيحة ؟ وهل يمكن اعتماد مثل هذا الحساب لإنزال الحد على السارق في هذه الأيام ؟
ملخص الجواب:
وملخص الجواب :
أن الدينار يساوي أربعة غرامات وربع ، فإذا قبض على سارق ، فإن القاضي ينظر في
أسعار الذهب ذلك اليوم ، فإن ثبت أن قيمة المسروق يوم الجريمة تبلغ قيمة غرام وربعَ
ربعِ الغرام من الذهب ذلك اليوم ، فقد استحق السارق حد القطع ، وإن نقصت قيمة
المسروق عن ذلك فإنه يستحق التعزير .
والله أعلم .
الجواب
الحمد لله.
ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لَا
تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا ) رواه البخاري
(6789)، ومسلم (4494) واللفظ له .
فدل الحديث على أن ربع الدينار هو أدنى ما يوجب قطع يد السارق ، فمن سرق متاعا
يساوي ربع دينار فصاعدا فإنه يقطع ، ولا قطع على من سرق ثلاثة دراهم إلا أن تبلغ
قيمتها يوم السرقة ربع دينار ؛ لأن أصل التقدير إنما هو بالدينار ، وليس بالدراهم ،
فإذا تفاوتت قيمة الدرهم ، فإنها تقاس ، زيادة ونقصانا ، بالدينار ، في وقت السرقة
، فإذا بلغت ربع دينار قطعت يد السارق .
وعلى هذا يحمل حديث ابن عمر رضي الله عنهما ( قَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِجَنٍّ [أي : درع] قِيمَتُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ ) متفق
عليه ؛ أي : لأن ثلاثة دراهم تساوي في ذلك الوقت ربع دينار .
قال الإمام الشافعي رحمه الله في نصاب حد السرقة وأنها مقوّمة بربع دينار :
" وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ؛ لِأَنَّ ثَلَاثَةَ
دَرَاهِمَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُ
: رُبُعُ دِينَارٍ ...
فَإِذَا أُخِذَ سَارِقٌ قُوِّمَتْ سَرِقَتُهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي سَرَقَهَا فِيهِ
فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهَا رُبُعَ دِينَارٍ قُطِعَ ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ رُبُعِ
دِينَارٍ لَمْ يُقْطَعْ .
وَالْأَصْلُ رُبُعُ دِينَارٍ ، فَلَوْ غَلَتْ الدَّرَاهِمُ حَتَّى يَكُونَ
دِرْهَمَانِ بِدِينَارٍ قُطِعَ فِي رُبُعِ دِينَارٍ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نِصْف
دِرْهَمٍ ، وَلَوْ رَخُصَتْ حَتَّى يَصِيرَ الدِّينَارُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ، قُطِعَ
فِي رُبُعِ دِينَارٍ ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا .
وَإِنَّمَا الدَّرَاهِمُ سِلْعَةٌ ، كَالثِّيَابِ وَالنَّعَمِ وَغَيْرِهَا ؛ فَلَوْ
سَرَقَ رُبُعَ دِينَارٍ ، أَوْ مَا يَسْوَى رُبُعَ دِينَارٍ، أَوْ مَا يَسْوَى
عَشْرَ شِيَاهٍ : كَانَ يُقْطَعُ فِي الرُّبْعِ ، وَقِيمَتُهُ عَشْرُ شِيَاهٍ .
وَكَذَلِكَ لَوْ سَرَقَ مَا يَسْوَى رُبُعَ دِينَارٍ ، وَذَلِكَ رُبُعُ شَاةٍ :
كَانَ إنَّمَا يُقْطَعُ فِي رُبُعِ الدِّينَارِ .
وَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ الدِّينَارَ؛ فَالدَّرَاهِمُ عَرَضٌ مِنْ الْعُرُوضِ، لَا
يُنْظَرُ إلَى رُخْصِهَا وَلَا إلَى غَلَائِهَا". انتهى من " الأم " (6/159) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"قوله : " أو ربع دينار " وهو [ أي : الدينار ] : مثقال ، والمثقال أربعة غرامات
وربع ، فيكون ربع الدينار واحد غرام ، وواحد من ستة عشر ، يعني ربع الربع ، فإذا
سرق الإنسان من الذهب ما يزن غراما وربع الربع : قُطِع ؛ وذلك لحديث عائشة رضي الله
عنها ـ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا )،
وهو في الصحيحين. وعلى هذا : فيكون هذا الحديث مخصصا لعموم قوله تعالى : ( والسارق
والسارقة فاقطعوا أيديهما ) [المائدة: 38] ، فيكون ما دون النصاب لا قطع فيه ...
وأما الحديث الآخر : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم ،
فهذا محمول على أن ثلاثة الدراهم تساوي ربع دينار في ذلك الوقت ، والدينار اثنا عشر
درهما من الفضة " انتهى من " الشرح الممتع " (14/334) .
وكما ذكر السائل فإن الدينار يزن أربع غرامات وربع من الذهب ، وربع الدينار يساوي
غراما وربع الربع ، وهو ما ذكره السائل : 1,0625
وأما تحديد سعر ذلك بالنقود ، فقد تبين من الجواب أنه يتفاوت ، يوما عن يوم حسب سعر
الذهب ، وإنما يقدر الثمن يوم السرقة .