أنا طالبة طب بشري في أول سنواتي السريريه التي تطلب تعلم مهارات التواصل مع المريض ، وفحص المريض ، وأخذ التاريخ المرضي منه .
أسئلتي :
هل يجوز أن أذهب إلى قسم الرجال في حال لم أجد حالات في قسم النساء تتوافق مع الواجبات المطلوبة مني ، وآخذ التاريخ المرضي منهم ، وهو فقط يتطلب أن أسأله ؟
ففي بعض الأحيان أضطر أن اعمل فحص حتى أتعلم ماهي الأعراض الجانبية لهذا المرض ، ولكن لا أدخل لوحدي ، بل أحرص أن تكون إحدى زميلاتي معي ؛ حتى لا تحصل خلوة ، فما حكم هذا الشيء؟
ثانيا :
أنا أتعلم على أيدي رجال غالبا ؛ لقلة الطبيبات في ذلك المستشفى ، وأحيانا نتناقش عن بعض الأسئلة المهمة للمرضى ، فهل أأثم بهذا الشيء ؟
الحمد لله.
تعلم الطب من فروض الكفايات ، على الرجال والنساء، لحاجة الأمة إلى ذلك، كما سبق
بيانه في جواب السؤال رقم : (149383) .
ودراسة المرأة للطب أمر محمود مرغب فيه ، إذا انضبطت دراستها بالضوابط الشرعية ، من
عدم الاختلاط والخلوة.
ولا حرج عليها في فحص الرجال إن اقتضت الدراسة ذلك، ولتجتنب ذلك ما أمكنها، فإن
الله أمر النساء بغض البصر فقال: ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا
ظَهَرَ مِنْهَا) النور/31 .
فإن اقتضى الأمر الفحص والنظر ، ولو إلى العورة : جاز ذلك ، للحاجة، مع توقي الخلوة
، واللمس ، وما لا يُحتاج له من النظر.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" (24/411) : "يدرس بكلية الطب أمراض النساء
والولادة ، ويوجد حالات عملية يحتم على الطالب مشاهدتها ، وهذا يستلزم النجاح في
هذه المادة لكي ينتقل إلى المرحلة التالية، فهذا يسبب مشاكل لنا ، فنرجو من سماحتكم
فتوى في الموضوع .
الجواب: الأصل وجوب ستر العورة من الرجال والنساء ، وعورة الرجل من السرة إلى
الركبة ، والحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها في الصلاة والإحرام ، وإذا كانت ترى
الرجال الأجانب ويرونها ، وجب عليها ستر وجهها وبدنها ، سواء كانت في الصلاة أو في
إحرام حج أو عمرة ، ويجوز كشف العورة إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، ويجوز الاطلاع عليها
إذا اقتضت المصلحة الشرعية ذلك ، ومن ذلك اطلاع الطالبات والطلاب على النساء في
أثناء إجراء عمليات تتعلق بأمراض النساء والولادة ، وذلك من أجل حصولهم على درجات
النجاح في هذه المادة ، من أجل الانتقال إلى المرحلة التالية ، وهكذا حتى يتخرج
الطالب والطالبة .
والمصلحة الشرعية المترتبة على القول بجواز ذلك هي توفير عدد كاف من الأطباء
والطبيبات من المسلمين ، وإذا منع ذلك في المسلمين ، نشأ عنه الاحتياج إلى الأطباء
والطبيبات من غير المسلمين ، وهذا فيه من المفاسد الشيء الكثير ، وقد جاءت الشريعة
الإسلامية بجلب المصالح ودرء المفاسد.
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان"
انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : "ما حكم الكشف على عورة المرأة لمعرفة أعراض المرض ؟ وما حكم الطلبة الذين
تكشف لهم عورات المريضات للتعلم ؟
فأجاب : كشف المرأة ما يجب عليها سَتره من أجل مصلحة الطب ، ببيان ما فيها من مرض
وتشخيصه : هذا لا بأس به ؛ لأنه لحاجة ، والحاجة تبيح مثل هذا المحرم ؛ إذ القاعدة
المعروفة عند أهل العلم : أن ما حُرم تحريم الوسائل أباحته الحاجة ، وما حُرم
تحريماً ذاتيّاً [ أي تحريم المقاصد ] فإنه لا يبيحه إلا الضرورة .
وذكروا لذلك أمثلة ، وهي النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه من المرأة للحاجة ، كما
يجوز نظر الخاطب إلى ما لا يجوز النظر إليه ، من أجل مصلحة النكاح ، وكما في هذه
المسألة التي سأل عنها الأخ ، فإنه يجوز للطبيب أن يكشف عن المرأة ؛ ليعرف المرض
ويشخص أعراضه " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
ولا حرج في الكلام والمناقشة مع الأساتذة الرجال، عند الحاجة، مع عدم الخضوع بالقول؛
لقوله تعالى: ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ
اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ
وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ) الأحزاب/32 .
وانظري السؤال رقم : (1497 ) .
والله أعلم.