الحمد لله.
أولا:
التأمين نوعان : إما تأمين تعاوني ، وهو مباح مشروع .
وإما تأمين تجاري ؛ والتأمين التجاري محرم بجميع صوره وأشكاله، لقيامه على الربا
والميسر، وينظر: السؤال رقم : (8889) ،
ورقم : (36955)
.
لكن من أجبر على هذا التأمين المحرم ، جاز له الاشتراك فيه، والإثم على من أجبره.
ثانيا:
إذا منحت شركة التأمين مالا أو أسهما لعملائها، فلا حرج عليهم في الانتفاع بذلك،
ولو كانت شركة التأمين تجارية ؛ لأن المال المحرم لكسبه حرام على كاسبه فقط ، لا
على من انتقل إليه بوجه مباح كالهبة ، ولهذا يجوز قبول هبة المرابي والمقامر
ونحوهما .
قال العلامة محمد عليش المالكي – رحمه الله - : " واختلف في المال المكتسب من حرام
، كربا ومعاملة فاسدة ، إذا مات مكتسبه عنه : فهل يحل للوارث ؟ وهو المعتمد ، أم لا
؟
وأما عين الحرام المعلوم مستحقه ، كالمسروق والمغصوب : فلا يحل له " .
انتهى من " منح الجليل شرح مختصر خليل " ( 2 / 416 ).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : رجلٌ علم أن مصدر أموال أبيه من الحرام، فهل
يأكل من طعام أبيه؟ وإذا لم يأكل من طعام أبيه ، فهل يكون ذلك من العقوق ؟
فأجاب : "الرجل الذي علم أن مال أبيه من الحرام إن كان حراماً بعينه ، بمعنى: أنه
يعلم أن أباه سرق هذا المال من شخص : فلا يجوز أن يأكله، لو علمت أن أباك سرق هذه
الشاة وذبحها فلا تأكل ، ولا تُجِبْ دعوته .
أما إذا كان الحرام من كسبه يعني: أنه هو يرابي أو يعامل بالغش أو ما يشابه ذلك ،
فكُلْ ، والإثم عليه هو .
ودليل هذا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أكل من مال اليهود ، وهم معروفون
بأخذ الربا وأكل السحت، أهدت إليه يهودية شاةً في خيبر مسمومة ليموت ، ولكن الله
عصمه من ذلك ، إلى أجلٍ مسمى .
ودعاه يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة (أي : دهن متغير الرائحة) فأجابه وأكل ،
واشترى من يهودي طعاماً لأهله وأكله هو وأهله ، فليأكل والإثم على والده " .
انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (188/13) .
ثالثا:
إذا كانت شركة التأمين تجارية لا تعاونية ، فأسهمها محرمة ، وعلى من ملك شيئا من
أسهمها أن يتخلص منها فورا، والأولى أن يكون التخلص بإرجاعها للشركة وأخذ قيمتها،
لا بيعها على طرف أجنبي.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/508) : " ما حكم المساهمة في الشركات والبنوك ؟
وهل يجوز للشخص المكتتب في شركة أو بنك أن يبيع الأسهم الخاصة بعد الاكتتاب على
مكاتب بيع وشراء الأسهم ، ومن المحتمل بيعها بزيادة عن قيمة ما اكتتب به الشخص ؟
وما حكم الفائدة التي يأخذها المكتتب كل سنة عن قيمة أسهمه المكتتب فيها ؟
الجواب : المساهمة في البنوك أو الشركات التي تتعامل بالربا لا تجوز ، وإذا أراد
المكتتب أن يتخلص من مساهمته الربوية ، فيبيع أسهمه بما تساوي في السوق ، ويأخذ رأس
ماله الأصلي فقط ، والباقي ينفقه في وجوه البر ، ولا يحل له أن يأخذ شيئاً من فوائد
أسهمه ، أو أرباحها الربوية .
أما إن كانت المساهمة في شركة لا تتعامل بالربا فأرباحها حلال " انتهى .
فانظر قيمة الأسهم يوم مُنحت لك ، وتخلص مما زاد على ذلك بإنفاقه في وجوه البر.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم: (35726) ،
ورقم : (198281)
.
وأما إن كانت شركةً تعاونية،
وكانت أسهمها نقية، فلا حرج في الاحتفاظ بها للاستفادة من ريعها أو انتظار ارتفاع
سعرها.
وانظر الفرق بين الأسهم النقية وغيرها في جواب السؤال رقم : (146925)
.
والله أعلم.