كيف يحصل على عفو الميت
ماتت جدتي قبل أربع سنوات (أسأل الله أن تكون في الجنة) تربيت عندها ولدي ذكريات عظيمة معها . علمتني الصلاة وكانت تقول لي حكماً وأشياء عظيمة ، وأحبها حباً عظيما . بحماقتي فعلت شيئا كان يجب أن لا أفعله ، ثم أسفت لفعله أسفا شديدا ، فمن المحتمل أنني أهنتها بطريقة ما ولكنها لم تقل أي شيء عن هذا الموضوع .
لم تتح لي الفرصة لأطلب عفوها ، تبت من الذنب الذي فعلته ودائما أسأل الله المغفرة.
هل هناك طريقة أطلب بها عفو جدتي الآن ؟ فكرت في هذا الموضوع كثيرا ولكنني لم أستطع أن أجد أي طريقة مناسبة . سأكون شاكرا جدا إذا ساعدتني في هذا الموضوع .أسأل الله المغفرة لجميع الأحياء والأموات وشكرا لك .
الجواب
الحمد لله.
ما دامت الجدّة قد ماتت وذهبت إلى ربها فأنت لا تدري هل سامحتك أم لا ، وليس هناك من سبيل لطلب المسامحة منها بعد موتها ، وهذا ما يؤكّد أهمية حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يَكُونَ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ رواه لبخاري 2296
قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث :
قوله : ( من كانت له مظلمة لأخيه ) .. أي من كانت عليه مظلمة لأخيه .
قوله : ( من عِرْضه أو شيء ) أي من الأشياء .. فيدخل فيه المال بأصنافه والجراحات حتى اللطمة ونحوها ، وفي رواية الترمذي " من عرض أو مال " .
قوله : ( قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ) أي يوم القيامة .
قوله : ( أُخذ من سيئات صاحبه ) أي صاحب المظلمة ( فحمل عليه ) أي على الظالم .. وهذا الحديث قد أخرج مسلم معناه من وجه آخر وهو أوضح سياقا من هذا ولفظه " المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا ، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه وطرح في النار "
وفي رواية للبخاري أيضا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ رواه البخاري 6053
وعند أبي نعيم من حديث ابن مسعود يؤخذ بيد العبد فينصب على رءوس الناس وينادي مناد : هذا فلان ابن فلان فمن كان له حق فليأت ، فيأتون فيقول الرب : آت هؤلاء حقوقهم ، فيقول : يا رب فنيت الدنيا فمن أين أوتيهم ، فيقول للملائكة : خذوا من أعماله الصالحة فأعطوا كل إنسان بقدر طلبته ، فإن كان ناجيا وفضل من حسناته مثقال حبة من خردل ضاعفها الله حتى يدخله بها الجنة .
(و) أخرج أحمد والحاكم من حديث جابر عن عبد الله بن أنيس رفعه " لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عنده مظلمة حتى أقصه منه ، حتى اللطمة . قلنا يا رسول الله كيف وإنما نحشر حفاة عراة ؟ قال : بالسيئات والحسنات " فتح الباري شرح صحيح البخاري
وعلى أيّة حال أنت قد قمت بخطوة مهمة جدا وهي التوبة إلى الله جلّ وعلا ، فإذا صدقت مع الله في التوبة وعملت ما يُمكن من البرّ بجدّتك ( راجع لمعرفة ذلك السؤال رقم 763 ) ورأت في صحيفتها استغفارك لها فلعلّها أن تعفو عنك في ذلك الموقف إذا لم تكن قد عفت عنك في الدّنيا ، وأكثر من الدعاء لها والله يعفو عنّا أجمعين .