الحمد لله.
يسن للطائف أن يقبّل الحجر الأسود في كل شوط من طوافه إذا أمكنه ذلك ، دون أن يؤذي أحدا ؛ فإن شق عليه ذلك ، فإنه يستلمه بيده " أي : يمسحه " ويقبل يده ، فإن لم يمكنه ، فإنه يشير إليه .
ويسن أن يكون ذلك في كل شوط من أشواط طوافه .
لما رواه أبو داود في سننه (1878) :
(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَدَعُ أَنْ يَسْتَلِمَ الرُّكْنَ
الْيَمَانِىَ وَالْحَجَرَ، فِى كُلِّ طَوْفَةٍ ) وحسنها الألباني رحمه الله .
وأخرج مسلم (1268) عن نافع قال : (رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ
بِيَدِهِ، ثُمَّ قَبَّلَ يَدَهُ ، وَقَالَ : مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ رَأَيْتُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ ) .
قال النووي :
" فيه استحباب تقبيل اليد بعد استلام الحجر الأسود، إذا عجز عن تقبيل الحجر .
وهذا الحديث محمول على من عجز عن تقبيل الحجر ؛ وإلا فالقادر يقبل الحجر، ولا يقتصر
في اليد على الاستلام بها " انتهى من " شرح مسلم " (9/15) .
وبنحوه قال الشيخ الملا قاري عن قوله " يستلم الحجر بيده، ثم قبل يده " ، قال :
" ولعل هذا في وقت الزحام " انتهى من " انتهى من " مرقاة المفاتيح " (5/1795) .
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : ذكرتم أن الطائف يشرع له في طوافه أن يقبل الركن الأسود إن أمكن، وإلا يلمس أو يكبر، وهذا في الشوط الأول، فما حكم بقية الأشواط؟ وما الحكم لو لم يفعل؟
فأجاب:
"جميع الأشواط حكمها واحد، وإن لم يفعل فليس عليه شيء، لأن التكبير والتقبيل والمسح
سنة، والمقصود الطواف" انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (22/331) .
وقال رحمه الله :
" كل هذه الصفات وردت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ...
فأعلاها: استلام باليد وتقبيل الحجر ، ثم استلام باليد مع تقبيلها ، ثم استلام
بعصًا ونحوه مع تقبيله إن لم يكن فيه أذية ، والسنة إنما وردت في هذا للراكب فيما
نعلم ، ثم إشارةٌ .
فالمراتب صارت أربعاً، تفعل: أولاً، فأولاً ، بلا أذية ولا مشقة " انتهى من "الشرح
الممتع" (7/238).
والخلاصة :
أنه إذا تمكن الطائف من تقبيل الحجر، أو استلامه، دون أن يؤذي أحدا، فيسن له فعل
ذلك في كل شوط ، ولا يجب .
والله أعلم .