إذا بيت شخص نية الصيام، وعندما أصبح نسي ذلك، وظل يأكل ويشرب حتى غربت الشمس، فهل يصح صيامه تبعا لحديث(أطعمه الله وسقاه)؟
الحمد لله.
إذا نسي الصائم فأكل أو شرب فإن صيامه صحيح، ولا يجب عليه القضاء؛ لما رواه البخاري (6669)، ومسلم (1155) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ. والحديث يشمل كل من أكل ناسيًا، سواء أكل قليلا أم كثيرا .
استثنى بعض الشافعية، من أكل أو شرب كثيرا ، فقالوا إن صيامه لا يصح، وعللوا لذلك بأن النسيان مع الكثرة نادر .
وينظر: "الموسوعة الفقهية الكويتية" (40/ 280) .
ولكن الراجح صحة صيامه؛ لأنه ما دام موصوفا بالنسيان حال الأكل أو الشرب فهو مشمول بهذه الرخصة والمنة من الله سواء كثر أكله أو قلّ؛ ولذلك صحح النووي رحمه الله أنه لا يفطر.
قال النووي رحمه الله: "وَإِنْ أَكَلَ نَاسِيًا، فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا، لَمْ يُفْطِرْ قَطْعًا، وَإِنْ كَثُرَ، فَوَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي الْكَلَامِ الْكَثِيرِ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ هُنَا: أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ." انتهى من "روضة الطالبين" (2/363).
فما دام المسلم قد نوى الصيام، ثم أكل ناسيا فصيامه صحيح. وكرم الله واسع، وفضله عظيم، ولا يتعاظمه شيء أعطاه سبحانه وتعالى .
لكن العذر وصحة الصيام إنما يكون فيمن تحقق نسيانه بالفعل، لا المتلاعب بأمر العبادة، وهذا إنما يكون بينه وبين رب العباد، الذي لا تخفى عليه خافية.
والله أعلم .