أود معرفة الحكم في قول زوجي لي : " أنا أُطلِقك ، وأنت حرة ، اذهبي إلى بيت أهلك "، حيث لم نأخذ ذلك بمحل اهتمام ، فهل وقع الطلاق ؟ وبعد ستة أشهر قال مرةً ثانية في حالة غضب : "أُطلِقكِ ، ويمكنك الزواج برجلٍ آخر"، فهل وقع الطلاق؟ ليس هناك أحد معي ليدعمني ، فأرجو مساعدتي لقول الحقيقة ، فأنا متوترةٌ جدًا .
الحمد لله.
أولا:
قول زوجك: " أنا أطلقك ، وأنت حرة ، اذهبي إلى بيت أهلك" : مشتمل على جمل تحتمل الطلاق وعدمه.
فقوله: "أنا أطلقك" ، بصيغة المضارع ، ليس صريحا في الطلاق، لأنه قد يراد به الطلاق في المستقبل ، فيكون من باب الخبر عما ينوي أن يعمله في المستقبل ، أو من باب الوعيد والتهديد ؛ فلا يقع الطلاق بمجرد ذلك ، حتى يحقق ما أخبرها ، أو توعدها به ، ويوقعه بالفعل .
قال في " زاد المستقنع "(ص178) : "وصريحه: [ أي : صريح ألفاظ الطلاق ] لفظ الطلاق وما تصرف منه ، غير أمر ومضارع " انتهى .
وقال في "المطلع على أبواب المقنع " (ص314) : " ولا يحصل الحكم [يعني الطلاق] بالمضارع ولا بالأمر؛ لأن المضارع وعد ، كقولك: أنا أعتق وأطلق، والأمر لا يصلح للإنشاء ولا هو خبر فيؤاخذ المتكلم به " انتهى.
لكن : إن أراد به إيقاع الطلاق في الحال وقع، أي إن أراد : طلقتك الآن، وقع الطلاق.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وأما إذا أراد به الحال فإنها تطلق؛ لأن المضارع يصح للحال والاستقبال" انتهى من "الشرح الممتع" (13/ 61).
فالمرجع في هذا لزوجك، فإن كان نوى إيقاع الطلاق في الحال وقع .
وإن أراد الخبر عما سيفعله ، أو التهديد بإيقاعه مستقبلا لم يقع حتى يوقعه .
وهذا بحسب اللغة العربية ، وينظر ما وضع بإزاء ذلك في لغتك للدلالة على الماضي والحاضر والمستقبل.
وأما قوله: أنت حرة، واذهبي إلى أهلك، فهو من كنايات الطلاق، فلا يقع بذلك طلاق إلا إذا نواه، فإن لم ينوه لم يقع.
وينظر: سؤال رقم : (167642) .
وعلى فرض نية الطلاق في هذه الجمل الثلاث ، التي قالها في المرة الأولى ؛ فإنه لا يقع إلا طلقة واحدة ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والقول الراجح : أنه ليس هناك طلاق ثلاث ، أبدا ؛ إلا إذا تخلله رجعة ، أو عقد ، وإلا فلا يقع الثلاث ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو الصحيح " انتهى من "الشرح الممتع" (13/94).
ثانيا:
قول زوجك: " أُطلِقكِ ، ويمكنك الزواج برجلٍ آخر" يقال فيه ما سبق :
فإن أراد بذلك إيقاع الطلاق في الحال، أو عبر بلغتك بكلمة تدل على الماضي كقوله: طلقتك، أو أنت مطلقة ، وقع الطلاق .
وإن أراد التطليق في المستقبل، لم يقع الطلاق حتى يطلق بالفعل .
ولو أراد الطلاق ، لكن كان هذا في حال الغضب الشديد الذي لولاه لم يتلفظ بذلك ، لم يقع الطلاق على الراجح ، وينظر تفصيل الكلام على حالات الغضب وأثره على الطلاق في جواب السؤال رقم : (45174) .
وعلى فرض إرادة الطلاق ، وانتفاء الغضب الذي يمنع وقوع الطلاق ، فإنه إذا كانت هذه الطلقة الأولى أو الثانية ، فله مراجعتك ما دمت في العدة ، فإذا انقضت العدة لم يمكنك العودة إليه إلا بعقد جديد.
والله أعلم.